إذا كان تعريف الوطنية بأنها «شعور سينمو في النفس ويزداد لهيبه في القلوب كلما كبرت هموم الوطن وعظمت مصائبه».. فأين نحن من ذلك التعريف .. أين نحن مما يجري.. أية لعنات أصابت أولئك الذين يرفعون شعارات الغياب.. أي فقه نيّرُوني اترعوا به.. إليهم نقول: ما الذي يجعلكم تشعلون فتيل الخراب على أنفسكم ؟! الوطن ذات إنما تشعلون ذواتكم فاصبأوا عما أنتم فيه حتى لا تقتلوا أنفسكم دونما علم بما تعلمون !؟ أتساءل: أين نحن من ذلك الإرث الحضاري الذي صنعه الأجداد ؟ ما الذي يجعلنا نتخلى عن ذلك الإرث، وما الذي يجعلنا نتخلى عن حقنا في الرفعة والسمو؟ .. أقول: هي دعوة للجميع بالرجوع إلى الذات، فما يجب علينا هو أن نتنبه إلى ضرورة المحافظة على وحدتنا وتلاحمنا كأفراد شعب واحد بعيداً عن المماحكات والاختلافات التي لا تنم إلا عن قصور في الرؤية، قصور في الوعي الوطني والديمقراطي، يجب أن نعي دورنا التاريخي في هذه المرحلة الهامة حتى لا يأتي اليوم الذي نعضّ فيه أصابعنا، في وقت لن يبرأنا الندم ، كما لن تبرأنا أنامل التاريخ. فالالتقاء ضرورة ، والضرورة التقاء حتى لا تغادرنا الحكمة ونغادره الإيمان، فالوطن للجميع ومقدار الوطنية يتمثل بمقدار ذلك الوعي بمفهومها، لذا علينا العمل على مواصلة السير في عجلة التنمية التي لن تتقهقر بتقهقر من يقفون في مواجهة معها. كما ينبغي نشر ثقافتنا الوطنية، في كامل الجغرافيا اليمنية، والحرص على أن يكون حبر تلك الثقافة من مداد تاريخنا الذي يمثل عمقاً لكتب التاريخ. كما ينبغي أن ندرك بأن الوطنية تقاس بالأعمال بعيداً عن الفلسفة الديماغوجية، فالفرق بين مفهوم المواطن ومفهوم الإنسان في تراتيب التنشئة الاجتماعية كما ذكرها الدكتور مصطفى رضا.. هو فرق بين الواقع والمثال. ففي طلب المثال يكون في مقدور الناس أن يتفلسفوا أما في طلب الواقع فيكون في مقدورهم أن ينجزوا وأن يتثبتوا من إنجازهم بقياس ذلك الانجاز وتمحيصه.. لكل قلبي الوطن.