الذين يعتقدون أن بمقدورهم أن يحققوا الانفصال بالديمقراطية بعد أن عجزوا عن تحقيقه بما كان لديهم من القوات المسلحة والأمن الشطرية التي قاتلت مع القوى الوحدوية أكثر من القتال مع الفلول الانفصالية.. هؤلاء الذين لا يستفيدون من تجاربهم الإيجابية والسلبية التي حدثت في ماضيهم القريب والبعيد لا يمكنهم أن يستفيدوا من حاضرهم ومستقبلهم سوى تكرار ما اقترفوه من الأخطاء والسلبيات دون الاستفادة من الإيجابيات. لأنهم يعيشون خارج نطاق الزمان والمكان؛ لا همّ لهم سوى الاستسلام والاستكانة لما لديهم من النزعات والأهواء والأطماع والملذات الذاتية اللا مشروعة واللا معقولة على الإطلاق بحكم ما تنطوي عليه من عبادة ”الأنا” وجشع ”الأنانية” مهما كانت متناقضة ومتضادة مع المصالح المشروعة للوطن والمواطن اليمني. لأنهم حفنة من المستعدين لخيانة الوطن والشعب مرات عديدة وبأية وسيلة من الوسائل الانتهازية الرخيصة والمريضة والقاتلة لكل ما له علاقة محكومة بقدسية المبادئ والمُثُل الوطنية والأيديولوجية والأخلاقية حتى ولو اقتضت مصالحهم الأنانية والعدوانية اللاوطنية واللا أخلاقية دفع الأخ إلى كراهية أخيه والإساءة إليه واستباحة ماله وعرضه ودمه وروحه بعدوانية قلما نجد لها مثيلاً حتى في تاريخ الوحوش المفترسة التي تمنعها غرائزها الناتجة عن الروابط الطبيعية المستمدة من القرابة السلالية والنوعية. أقول ذلك وأقصد به أن هناك الكثير من الوحوش المفترسة كالأسود والنمور والفهود والضباع التي تفترس ما حولها من الكائنات الحيوانية لا تفترس من ينتمون إلى فصائلها من أنواع الوحوش الأخرى، فالأسود لا تفترس نوعها من الأسود، والنمور والفهود لا تفترس من ينتمون إلى فصائلها ونوعها من النمور والفهود، وكذلك الحال بالنسبة للضباع التي لا تفترس غيرها من الضباع الأخرى. لكن هذا النوع من الخونة الانفصاليين يحرضون الجنوبيين على كراهية إخوانهم الشماليين والحقد عليهم والغدر والتنكيل بهم ونهب وسلب واستباحة أموالهم وأعراضهم وسفك دمائهم وإزهاق أرواحهم باعتبارهم شركاء لهم في الوطن وفي الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والثروة والسلطة ناهيك عن شراكتهم في العروبة والدين الإسلامي الحنيف. هؤلاء هم بالتأكيد أسوأ من كل الوحوش المفترسة؛ لأنهم يكشفون عن سلوكيات وممارسات مجردة من كل القيم والأخلاق والمبادئ التي تحتكم إليها الشعوب والمجتمعات والجماعات الإنسانية والحيوانية لا تقبلها الأغلبية الوحدوية في شمال اليمن وجنوبه، وفي شرق الوطن وغربه، تحت ضغط أي مبرر من المبررات وتحت ضغط أي دافع من الدوافع الإنسانية والحيوانية على حد سواء، هؤلاء الخونة لا ينبغي ولا يجب على أي حزب أو تنظيم سياسي مجاراتهم والدفاع عن مطالبهم الانفصالية ناهيك عن المشاركة في أعمالهم القبيحة والذميمة. لأن أعداء الوحدة هم أعداء الديمقراطية، وأعداء الشعب اليمني في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. إلخ لا يمكن للصحافة الوطنية أن تتحول إلى بوق للترويج لما يدعون إليه وإلى ما يمارسونه من العمالة والخيانة والنذالة، ولا يمكن للديمقراطية أن تتحول إلى مظلة أمان توفر لهم الحماية والمشروعية لما يقومون به من أعمال غير مشروعة وما تسفر عنه من اختراقات ومخالفات دستورية وقانونية. ومعنى ذلك أن المواجهة مع هذه التداعيات الانفصالية المحرضة على الحقد والغدر والعنف لا تقل خطورة على المقدسات الوطنية عما يقوم به الإرهابيون المنتمون إلى تنظيم القاعدة مسؤولية كل اليمنيين أياً كانت خلافاتهم ومواقفهم وقناعاتهم وانتماءاتهم الحزبية والسياسية وسواءً كانوا محسوبين على من هم في الحكم أم كانوا محسوبين على من هم في المعارضة. لأن المصلحة الوطنية العليا تنتهي حين يبدأ التآمر والتمرد على الثورة والجمهورية والوحدة والشرعية الدستورية، نظراً لما تمثله من خيانات وطنية غير معقولة وغير مقبولة تفتح المجال أمام الدولة لاستخدام ما لديها من الصلاحيات والسلطات الدستورية عبر الاستخدام المشروع للقوة المدنية والعسكرية. لأن الحراك الذي يدفع الجزء إلى التمرد على الكل والبعض إلى التآمر على الشعب يخرج من نطاق ما هو معقول ومقبول من الممارسة الديمقراطية إلى نطاق مالا يمكن لعاقل ومسؤول القيام به والتعاطي معه تحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب من الأسباب الحقوقية والمطلبية؛ لأنه يمثل العدوان الذي يعرض مرتكبيه لأقصى العقوبات المخصصة للخيانة العظمى بكل ما تنطوي عليه من الإشكاليات والنكبات والكوارث الوطنية؛ لأن عدم معاقبة هؤلاء واعتبارهم مظلومين وأصحاب قضية معناه مساعدتهم على الاستمرار في خيانتهم العظمى ومشاركتهم في الجرم، بقصد أو دون قصد وبوعي أو دون وعي. لأن الواجب الوطني والمسئولية القانونية تحتم على من هم في الحكم ومن هم في المعارضة بمصارحة هؤلاء ومكاشفتهم في جرمهم وما ينتظرهم من العقوبات الصارمة والرادعة لهذا النوع من جنون الخيانة. لأن تمزيق الشعوب بالقوة أو بالسياسة عمل ترفضه كافة القوانين الوطنية والدولية على حد سواء طالما كان بالإمكان حل المشكلات وإزالة الدوافع والأسباب بأساليب ديمقراطية تقوم على منطق الحوار والاستعداد للإقناع والاقتناع. لأن الشعب اليمني وقيادته السياسية المنتخبة لن تسلم بالانفصال وتمزيق الوطن مثلهم مثل غيرهم من الشعوب والأمم التي استخدمت كل ما لديها من الطاقات والإمكانيات المادية والمعنوية المدنية والعسكرية لحماية الوحدة الوطنية، حدث ذلك في الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيادة (ابرهام لنكولن) الذي استخدم القوات المسلحة الأمريكية لقمع انفصال الجنوب عن الشمال بالقوة. وحدث ذلك في المملكة المتحدة البريطانية التي استخدمت كل ما لديها من الطاقات والإمكانيات المدنية والعسكرية ضد الجيش الجمهوري الايرلندي الذي حاول فصل ايرلندا بالقوة عن المملكة البريطانية المتحدة، وحدث ذلك في جمهورية سيرلانكا في حربها على المتمردين التاميل الذين حاولوا فصل جزء من الوطن عن الكل السيرلانكي بالقوة العنيفة. وما قامت به القيادة السيرلانكية من استخدام مشروع للتصدي للحركة العسكرية الانفصالية غير المشروعة رغم الاختلاف بين ما استندت إليه تلك الحركات الانفصالية من الأسباب والمبررات القومية والدينية وبين انعدام أي مبررات وطنية وقومية أو دينية بين أبناء الشعب اليمني الواحد في شمال الوطن وجنوبه، وفي شرق الوطن وغربه باعتبار الجميع يمنيين وعرباً ومسلمين كانوا ولايزالون وسيظلون شعباً واحداً عبر التاريخ.