انتقلت إيران إلى مرحلة الضغط المباشر لفرض مسمى(الخليج الفارسي) على الخليج الواقع بينها وبين العرب .. الخليج المعروف في الجغرافيا وفي الثقافة والتاريخ باسم الخليج العربي بدأت إيران محاولة فرض مسماها بالقوة من خلال معاقبة من لايعترف بفارسية هذا الخليج، وأقدمت إيران على خطوة مهمة في طريق فرض مسمى(الخليج الفارسي) من خلال اشتراطاتها على شركات الطيران بأن لاتذكر لفظ الخليج العربي بأي شكل وبأية صورة وهددت بمنع الطيران المخالف من الدخول إلى أجوائها أو الهبوط في مطاراتها كنوع من العقوبات القابلة للتشديد مع مرور الأيام.. هكذا قررت الدولة الفارسية أن تفرض مسماها للخليج وأحسب أنها – أي إيران – لن تكتفي بهذا الاجراء وثمة اجراءات سوف تعلن عنها كلما سنحت لها الفرص وكلما عظمت قوتها العسكرية والسياسية ولا استبعد أن تغلق مضيق الخليج يوماً ما أمام الملاحة البحرية التي تعترف أو تتعاطى بشكل ما مع الخليج العربي وإجراءات قد لاتخطر على بال أحد منا في الوقت الراهن، وإن كنت شخصياً أتوقع كل شيء من نظام يسعى لفرض امبراطوريته على المنطقة من جديد ويبدو أنه يعد العدة جيداً من أجل استعادة أمجاد امبراطورية فارس التي تهاوت تحت حوافر خيل الفتوحات الاسلامية ذات عهد مضى. التعصب الذي تبديه دولة إيران تجاه المسمى ليس غريباً ولامستغرباً، فثمة أشياء وثمة أفكار ومبادئ تحاول فرضها على الاقليم المحيط بها بالقوة والعنف ولها أساليبها المتبعة في ذلك يدركها كل من يسمع ويرى. المهم في هذا التحول اللافت في قضية الخلاف على مسمى الخليج ومحاولة إيران فرض فارسيته من خلال الاجراءات العقابية المباشرة لمن لايلتزم بذلك هو التوقيت أولاً وهو مؤشر لدى النظام الفارسي بأن العرب في الوقت الراهن أضعف من أن ينتصروا لفكرة من هذا النوع وإن كان المسمى لايقدم ولايؤخر من ناحية الجغرافيا والتاريخ ولن ينقل دولاً من مواقعها ولن يغير شيئاً في ملوحة الخليج وفي تياراته الدافئة والباردة إلا إذا أرادت إيران أن تجعل من هذا المسمى سبباً لصراع يشعل مياه الخليج لأهداف أخرى ضمن أهداف الامبراطورية الفارسية الموعودة التي أعدت وتعد لذلك الصواريخ المائية والجوية وغيرها من الأٍسلحة المدمرة وصولاً إلى السلاح النووي الذي لاشك أنها ستمتلكه عما قريب إذا سمح لها بذلك والمؤشرات كلها تؤكد ذلك حتى وإن قيل إن ضغوطاً غربية تُمارس عليها لمنعها من إنتاج السلاح النووي، وهي ضغوط لايبدو عليها الصدق وربما تنجح إيران تحت مظلة الضغوط من تسريع برنامجها النووي، وملعونة هي السياسة التي تضلل العالم بالخلاف والاختلاف الظاهري والواقع ليس كذلك، والواقع ينطق بأن المصالح يجري تقاسمها بين إيران والغرب بهدوء لايعكره ظاهر التصريحات والخلافات. لايمكن أن يكون توقيت إثارة مسمى الخليج عفوياً ومن انتاج إيران لوحدها ولننتظر قليلاً لنتأكد أن المسألة جزء من سيناريو(الفوضى الخلاقة) التي يبدو أنها سوف تطال العرب في المنطقة دون غيرهم.. الصراع والاختلاف في ظاهر الحال بين إيران والغرب عموماً والضحايا هم العرب بينما إيران الفارسية تنعم بالمكاسب والمصالح وتجني ثمار الحروب هنا وهناك، وتمد مشاريعها طولاً وعرضاً.. كيف يمكن أن نصدق بوجود خلاف بين الغرب والفرس، والغرب أسقط نظام ودولة العراق وسلمها على طبق من ذهب للفرس؟ كيف يمكن لعاقل أن يصدق خرافات العداوة بين الغرب والفرس والأوضاع في الواقع تحكي وئاماً منقطع النظير بينهما؟ كيف لنا أن نصدق ذلك ونحن نرى المشروع الفارسي يتحرك بكل حرية ولايحرك للغرب جفن كالذي حركه للعراق وأفغانستان وأماكن أخرى، حرك فيها الغرب والولايات المتحدة تحديداً أساطيلهم وحاملات الطائرات تفادياً لخطر لم يصح منه شيء؟ في ظل هذه المعطيات وغيرها فالمسألة ليست بأهمية مسمى الخليج لكنها بخطورة المشروع الفارسي الذي سيدخل المنطقة دائرة الخراب العظيم إذا لم يقف أمامه مشروع عربي يستطيع خلق توازن يدفع عن المنطقة عبث الفرس وحقدهم الدفين.. وعن مسمى(الخليج الفارسي) يستطيع العرب فرض عقوبات على كل من يعترف بهذا المسمى ويمنع الطائرات التي تحمل شعاره أو مسماه في تعاملاتها من الدخول إلى البلدان العربية وسنرى حينها لمن الغلبة في ميدان الضغوطات من هذا النوع؟!