في عام “1857 “خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، وبرغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في الدفع بالمسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جدول الأعمال اليومية كما انه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أمريكا بعد سنتين من تلك الاحتجاجات.. وفي مارس سنة” 1908” أي بعد واحد وخمسين عاماً عادت آلاف العاملات من عاملات مصنع النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاًَ من « الخبز اليابس وباقات من الورد» في خطوة رمزية لها دلالاتها تحت شعار (خبز وورد) طلبت هذه المسيرة بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع . شكلت مظاهرات « الخبز والورد» بداية تشكيل حركة نسوية متحمسة داخل الولاياتالمتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف ورفعن على إثرها شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها حق الانتخاب وكان اسم تلك الحركة « سوفرا جستس» «saffragists » وتعود جذورها النضالية إلى فترات النضال ضد العبودية من أجل انتزاع حق الأمريكيين السود بالحرية والانعتاق من العبودية. وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأة الأمريكية تخليداً لخروج النساء في مظاهرة نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأمريكيات في الدفع بالدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وذلك في مؤتمر كوبن هاجن في الدنمارك الذي استضاف مندوبات من سبع عشرة دولة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي تخصيص يوم واحد في العام للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية غير أن ذلك لم يستمر طويلا لأن منظمة الأممالمتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبات إلا سنة” 1977” عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراًَ يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يحدد للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس . وتحول بالتالي إلى يوم يرمز لنضال المرأة تخرج به النساء عبر العالم بمظاهرات لمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالتعسف الذي مازلت تعاني منه ملايين من النساء عبر العالم كما أن الأممالمتحدة أصدرت قراراً دوليا سنة “1993 “م ينص على اعتبار حقوق المرأة جزءاً لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهو ما اعتبره الكثير من المدافعين عن حقوق النساء حول العالم تنقيصاًَ من قيمة المرأة عبر تصنيفها خارج إطار الإنسانية. كل هذا السرد التاريخي بحثت عنه بعد أن استعرضت هذه القصة التي سأضعها بين أيديكم “يحكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الإشراف على الأباريق في بئر لقطعة ارض زراعية، وللتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي المزارع أو المزارعة ويأخذون الأباريق لسكبها في أوعيتهم ثم يرجع الإبريق إلى صاحبنا ،الذي يقوم بإعادة ملئها للشخص التالي وهكذا،وفي إحدى المرات جاءت امرأة وكانت مستعجلة فخطفت احد الأباريق بصورة سريعة وانطلقت نحو أوعيتها لتملأها فصرخ بها مسئول الأباريق بقوة وأمرها بالعودة إليه...!! فعادت المرأة على مضض... وأمرها مسئول الأباريق بأن تترك الإبريق الذي في يدها وتأخذ آخر بجانبه ... فأخذته لتملأ أوعيتها وحين عادت لكي تسلم الإبريق سألت مسئول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ أبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق...!!!؟ فقال مسئول الأباريق بتعجب: أنا هنا الرجل...!!! مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج إلى تعقيد ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق فهو يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وينهي على المرأة فقط...!!. فهذا السلطان موجود بيننا في الوزارات والمؤسسات والجامعات والمطارات والبيت بل لعلك تجده في كل مكان تحتكُّ فيه المرأة مع الناس فكيف تتصرف بلقيس اليمن وهي المشهورة بالصبر والحكمة والشورى أمام التاريخ النضالي للمرأة الأخرى من العالم الآخر التي وصلت إلى يوم “ 8 مارس” من جهة ومن جهة أخرى وأمام سلطان الأباريق الذي نجده حجر عثرة في طريقها سواء كان في البيت أو في أي تجمع بشري ...؟ هل الصح أن تستمر تتجاهله وترفض التعامل معه وهو ابنها، وزوجها، وأخوها، وأحياناً أبوها؟! هل يتحول الخوف عليه ....إلى خوف منه؟! هل تتهرب من رؤية بقاياه؟! هل ستتجنب الحديث عنه أمام الآخرين؟! هل تتبع خطوات نساء أخريات لا علاقة لهن بالأباريق ولا بالأوعية التي يجب أن تسقي بها الزرع الذي سيحصده المجتمع؟! هل تشعر بالخجل من نفسها حين تتذكر أن مثله... كان أخاً، وأباً وزوجاً، وعماً، وخالاً .....الخ؟! هل تبكي بندم على تفاصيل وطقوس رعايتها له؟! أم هل تنتهي صلاحيتهم بانتهاء يوم الثامن من مارس؟! أم تصر على التمسك به لأسباب أخرى غير الظلم؟! هناك مؤشر واضح على انتهاء صلاحية الرجل لدى المرأة، وبذلك تنتهي الأسرة، فيختل المجتمع يا بلقيس اليمن. لذا استوصوا بالرجال خيراً يا بلقيس اليمن.... ليس من إجحافٍ لحقنا أو استسلام أو خضوع ..ولكن عودة إلى الأصل، فالمرأة هي الأم وهي المربية التي تنتج الرجل وهي التي تربيه فيجب أن نوصي به خيراً ليكون رديفا لنا في الحفاظ على المؤسسة الأسرية وبالتالي لا يختل المجتمع.... فنرى بلادنا أسعد ما تحت السماء، وأهنأ من على الأرض. فاصلة : نزيف حروفي وكلماتي ليس للرجل فقط وليس للمرأة فقط وقد حاولت قدر استطاعتي إظهار الخلل من وجهة نظري التي تصيب الأسرة والوطن اليوم بعيداً عن الشهرة والتصفيق تحت راية اليوم الثامن من مارس كي لا ينقطع آخر الجسور بيننا وبين الوطن .