إيران: إسقاط مسيّرة صهيونية في تبريز    العراق: استمرار العدوان الصهيوني على إيران سيحول المنطقة لساحة صراع شامل    إخماد حريق نشب بمنزل بمنطقة حدة    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    عقوبات أميركية جديد على 12 كياناً و4 أفراد وسفينتين على صلة ب"أنصار الله"    قبل أن يتجاوزنا الآخرون    رسميا.. ليفربول يعلن ضم فيرنز    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    قصة من الارض الموسومة زورا بالحكمة    إب .. تسلّيم ثلاثة مشاريع مياه بمديرية بعدان للهيئات الإدارية لتشغيلها    صحيفة امريكية تكشف كلفة حرب إسرائيل ضد إيران    الحرب الايرانية الاسرائيلية تدخل يومها الثامن ومصادر غربية تتحدث عن تفضيل امريكي بريطاني للحل الدبلوماسي    العثور على جثة شاب مختطف بصنعاء بعد أكثر من أسبوع على اختفائه    حسابات تأهل الأهلي المصري.. الأمل معلق بالبرازيليين    أتلتيكو يداوي الجراح بثلاثية سياتل    من "فتاح" إلى "سجيل".. تعرف إلى أبرز أنواع صواريخ إيران    كارثة كهرباء عدن مستمرة.. وعود حكومية تبخرّت مع ارتفاع درجة الحرارة    اختتام ورشة إعداد خطة العام 1447ه ضمن برنامج سلاسل القيمة في 51 مديرية نموذجية    "الدفراوي" يُشعل التحدي: ستة مقاتلين هربوا.. وأنا جاهز لأي خصم!    اعمال شغب خلال مواجهة الاهلي المصري مع بالميراس واعتقال مشجع أهلاوي    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    الطريق الدولي تحت سيطرة الحزام الأمني.. خنق لخطوط الإرهاب والتهريب    العرب والمسلمين بين فن الممكن المهين والاقتصاد المكثف المفخرة    شبوة تودع شهيدي الواجب من قوات دفاع شبوة    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    المستوطنة الأثيوبية في عتق.. خطر داهم على حياة المواطن وعرضه    خسائر معهد "وايزمان" نحو اثنين مليار شيكل جراء القصف الإيراني    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    في ظروف غامضة    البيت الأبيض يعلق على موعد قرار ترامب بشأن الهجوم المحتمل على إيران    عن العلاقة الجدلية بين مفهوم الوطن والمواطنة    فريق الرايات البيضاء يكشف عن اخر مستجدات إعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    نتائج الصف التاسع..!    قضاة يشكون تعسف وزير المالية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى    مراجعات جذرية لا تصريحات آنية    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    الحوثيون يقرّون التحشيد الإجباري في الحديدة بدعوى نصرة إيران    "مسام" ينتزع نصف مليون لغم حوثي خلال 7 أعوام    المعبقي يكشف عن اجراءات نقل مقرات البنوك إلى عدن وكيف ستتعامل مع فروعها في مناطق سلطة صنعاء    خيانة عظمى.. علي ناصر محمد يتباهى بمنع انضمام الجنوب لمجلس التعاون الخليجي    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثنائية والديموقراطية من منظور الفيلسوف ابكتيتوس
نشر في الجمهورية يوم 25 - 03 - 2010

"ليس هناك من شر في العالم، هات لي أي شيء وسوف أحوله لك بعصا هرمز إلى خير، كل ما في العالم خير بما فيه الفقر والمرض والعوز والألم والموت".. هذا ما قاله الفيلسوف الرواقي في القرن الثاني للميلاد، ويمكن تطبيق هذا القانون على كل شيء بما فيه الاحتلال الأمريكي للعراق.
ينقسم الناس اليوم إلى فريقين؛ من يرى في أمريكا استعماراً جديداً، ومن يرى أنها فاتحة الديموقراطية، وهذه الرؤيا (الحدية) ضارة؛ لأنها تنبعث من خطأ منهجي هو أن الألوان ليس فيها سوى أبيض وأسود، وأن الكون مركب على الثنائية، أو أن الشيء حار وبارد وساكن ومتحرك وحامض وقلوي، فنمارس خطأ علمياً من حيث لا ندري، ومنبع الخطأ يأتي من تصور أنفسنا مركزاً للقياس ومحوراً للكون.
ولم يقع العلم في خطأ أفدح من تصوره أن الأرض مركز العالم وكل من حولها يدور في حلقات دائرية مكتملة، حتى تبين أن الأرض ليست مركز الكون ،وأن الدوران ليس على شكل دائرة بل على شكل أهليلجي بما فيها دوران الإلكترون حول البروتون.
ويمكن لطالب ثانوي تلقين أرسطو حقائق الكود الوراثي وميكانيكا الكم ونظرية الانفجار العظيم، وما ينطبق على الفلك يصح على الفيزياء، والضوء ليس أسود وأبيض؛ بل هو طيف متدرج من الألوان استطاع نيوتن تحليله بموشور زجاجي. كما أن الحار والبارد لا يزيد عن الدرجات التي نشعر بها، ودرجة الحرارة 42 خطيرة على دماغنا ولكنها عادية عند الطيور.
واستطاع كالفن أن يصل إلى تحديد درجة البرودة القصوى نزولاً حتى 273,15 تحت الصفر، أما ارتفاع الحرارة فهو تصعد على سطح الشمس حتى 6000 ستة آلاف درجة وتغلي في باطنها ببضعة ملايين، وما انطبق على الفيزياء يصح على الكيمياء، فالحموضة لا تزيد عن درجة تركيز أيونات الهيدروجين في الوسط، والإلكترون يطير في غمامة حول قلب النواة بسرعة تقترب من سرعة الضوء.
ويمكن نقل هذا القانون إلى عالم الفكر حينما تقسّم الأشياء إلى صواب وخطأ وخير وشر، فكما توزعت درجة الحرارة على شكل طيف وليس على شكل استقطاب حدّي وان الانتقال من الحار إلى البارد وبالعكس هو انتقال في (الدرجة) وليس في (الحقيقة) فيمكن فهم الوجود على هذه الصورة.
والشر ليس قيمة موضوعية كما يرى عالم النفس (هادفيلد) بل (وظيفة خاطئة) والوظيفة (الشريرة) "هي استعمال اندفاع (خيّر) في وقت خاطئ في مكان خاطئ نحو غاية خاطئة".
ويذهب القرآن إلى عدم اعتبار الشر شراً، بل قد يكون خيراً "لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم" وفي الفلسفة حيرت مشكلة (الشر) العقول، ولكنها مسألة يمكن فهمها ضمن (بانوراما) كونية وليس ضمن فكرة (الثنائية)، فالشر ليس شراً كما يقول الفيلسوف (ابكتيتوس 55- 135 م) بل درجة في الخير حسب علاقتنا به بما فيه الموت.
فهذه الحياة مائدة عامرة دعانا الله إليها؛ فإذا انتهت وجب أن نشكر صاحب الوليمة وننصرف شاكرين حامدين لا باكين نادبين.
وفي تحليل سياسي قام به (مالك بن نبي) في عالم الأفكار ذهب إلى أن الضلال السياسي سببه الوقوع في ذهان (الاستحالة) و(السهولة) والأشياء في طبيعتها ليست كذلك بل تسبح في طيف من الممكن والصعب والمستحيل، والاستحالة تعني أن لا فائدة من بذل الجهد.
ولكن الكثير مما نظنه مستحيلاً هو صعب لا أكثر، ويتطلب بذل الجهد المكافئ، كما أن بعض الأمور المستحيلة تتحول إلى ممكنة مع الزمن كما في نقل الصوت والصورة بالقوة الكهروطيسية.
وحين نقع في رهان الزهد بالموجود والحلم بالمستحيل نرسل عقولنا إلى إجازة مفتوحة، وموقف العرب من اسرائيل هو من هذا القبيل؛ فإما كانت اسرائيل (دويلة عصابات) وإما (التنين النووي) وهي ليست ذلك ولا تلك.
ويمكن فهم الزلزال الأمريكي خارج منظومة زرادشت بين (أهرمان) إله الشر و(أهرمزدا) إله الخير، والاحتلال الأمريكي في جانب منه استعمار، وفي جانب منه خير، ولولا الآلة الأمريكية ما حطمت أصنام صدام جذاذاً، وتفرق البعث أيادي سبأ، وفي يوم احتلت أمريكا اليابان وألمانيا.
وروى لي الفيلسوف فيندوف من مدينة آخن في ألمانيا كيف جاع الألمان بعد الحرب فأكلوا لحاء الشجر وطبخوا أعشاب الأرض؛ ولم يكن يملك أحدهم في جيبه ماركاً واحداً، واليوم يحلق اليورو إلى سحب الغمام، وتملك اليابان أضخم احتياطي من الدولار 462 ملياراً مقابل 80 ملياراً تملكها أمريكا!!.
وكان سقراط ينظر إلى ذباب الخيل أنه يطرد عنها الخمول، ورأى (توينبي) المؤرخ البريطاني مصيبة اسرائيل أنها رحمة للعرب كي تخلق عندهم تحدي النهوض، ولا تتحول الدودة إلى فراشة فتطير دون معاناة، ولا أطهر من النار لتنقية المعدن من الشوائب، ولقد خلقنا الإنسان في كبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.