رئيس مجلس النواب: استهداف مقر الإصلاح عمل إجرامي يستهدف أمن تعز    تواصل منافسات بطولة الرماية المفتوحة للسيدات والناشئات    14 وزارة وهيئة في عدن تؤكد دعمها للمسار السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي    لقاء موسع للعلماء والخطباء في الجبين بريمة نصرةً للقرآن وفلسطين    الجالية اليمنية في ألمانيا تدين وتستنكر تدنيس نسخة من القرآن الكريم    تلغراف البريطانية: الصراع في المناطق المحتلة قد يعزز نشاط التنظيمات الإجرامية    ما الذي يعنيه تعليق صندوق النقد أنشطته في اليمن؟    صنعاء : تخصيص 600 مليون ريال للمشاريع الصغيرة وعدم منح أي تصريح لأي مول    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزّي في وفاة الشيخ حسين جابر بن شعيلة    ندوة ثقافية في الحالي بالحديدة بذكرى جمعة رجب    الجنوب العربي ليس دولة وظيفية    هيئة المواصفات تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    محافظة سقطرى تعلن تأييدها الكامل لخطوات المجلس الانتقالي الجنوبي    الجيش الإيراني يؤكد الجهوزية الكاملة لمواجهة أي تهديد خارجي    رشيد تعز يفوز على تضامن شبوة في دوري الدرجة الثانية    المركز الأمريكي للعدالة يطالب بتجديد الحماية المؤقتة لليمنيين في الولايات المتحدة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    وقفة طلابية تندد باغتيال الاستاذ الشراعي بالتفجير الذي استهدف مقر الإصلاح بتعز    الشعبة الجزائية تستمع لمرافعات الدفاع في قضية التخابر مع العدو    خبير مصري: إخوان اليمن يلتقون المخابرات البريطانية    خطوة إيرانية لتشويه الجنوب واستهداف الانتقالي    مستشفى الجمهوري بصنعاء يدشن جراحة القلب المفتوح    الإصلاح بحجة ينعى الشيخ مبخوت السعيدي ويذكّر بمواقفه الوطنية وتصديه للمشروع الحوثي    فيفا: السعودية معقل كرة القدم الجديد    اغتيال جنرال في الجيش الروسي في موسكو    الذهب يتجاوز 4400 دولار للأونصة والفضة عند مستوى تاريخي    قراءة تحليلية لنص "كتمان وإرباك" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يتوقع أجواء شديدة البرودة وتشكّل الصقيع    الانتقالي الجنوبي يتمسك بحوار مباشر مع السعودية.. والعليمي خارج الحسابات    إصابة محامٍ بجروح خطيرة برصاص مسلحين قرب مقر النيابة شمال صنعاء    المغرب يفتتح كأس إفريقيا 2025 بهدفين رائعين في شباك جزر القمر    النفط يرتفع بعد اعتراض أميركا ناقلة قبالة فنزويلا    برونزيتان لليمن في بطولة رفع الأثقال بقطر    افتتاح 19 مشروع مياه تعمل بالطاقة الشمسية في الحديدة    خلال مراسم تشييع جثمان الصحفي الأميري.. المشيعون: الإعلام اليمني فقد أحد الأقلام الحرة التي حملت هموم الوطن    بهويته الإيمانية.. شعب الحكمة والإيمان ينتصر للقرآن    مرض الفشل الكلوي (33)    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الصحفي عبدالقوي الأميري    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي ملاك وممثلي معامل الدباغة ومصانع الجلديات    برشلونة يبتعد بقمة الليجا ب 46 نقطة بعد إسقاط فياريال بثنائية    اتحاد حضرموت يتصدر تجمع سيئون بعد تغلبه على 22 مايو في دوري الدرجة الثانية    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات موظفي القطاعين المدني والعسكري    تدشين البطولة المفتوحة للرماية للسيدات والناشئات بصنعاء    السقطري يترأس اجتماعًا موسعًا لقيادات وزارة الزراعة والثروة السمكية ويشيد بدور القوات الجنوبية في تأمين المنافذ ومكافحة التهريب والإرهاب    محافظ عدن يوقّع اتفاقية بناء الدور الرابع بكلية طب الأسنان – جامعة عدن    البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة ويعيد التعامل مع أخرى    تقرير أممي: ثلث الأسر اليمنية تعيش حرمانًا غذائيًا حادًا    اللجنة الوطنية للمرأة بصنعاء تكرّم باحثات "سيرة الزهراء" وتُدين الإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    الجرح الذي يضيء    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثنائية والديموقراطية من منظور الفيلسوف ابكتيتوس
نشر في الجمهورية يوم 25 - 03 - 2010

"ليس هناك من شر في العالم، هات لي أي شيء وسوف أحوله لك بعصا هرمز إلى خير، كل ما في العالم خير بما فيه الفقر والمرض والعوز والألم والموت".. هذا ما قاله الفيلسوف الرواقي في القرن الثاني للميلاد، ويمكن تطبيق هذا القانون على كل شيء بما فيه الاحتلال الأمريكي للعراق.
ينقسم الناس اليوم إلى فريقين؛ من يرى في أمريكا استعماراً جديداً، ومن يرى أنها فاتحة الديموقراطية، وهذه الرؤيا (الحدية) ضارة؛ لأنها تنبعث من خطأ منهجي هو أن الألوان ليس فيها سوى أبيض وأسود، وأن الكون مركب على الثنائية، أو أن الشيء حار وبارد وساكن ومتحرك وحامض وقلوي، فنمارس خطأ علمياً من حيث لا ندري، ومنبع الخطأ يأتي من تصور أنفسنا مركزاً للقياس ومحوراً للكون.
ولم يقع العلم في خطأ أفدح من تصوره أن الأرض مركز العالم وكل من حولها يدور في حلقات دائرية مكتملة، حتى تبين أن الأرض ليست مركز الكون ،وأن الدوران ليس على شكل دائرة بل على شكل أهليلجي بما فيها دوران الإلكترون حول البروتون.
ويمكن لطالب ثانوي تلقين أرسطو حقائق الكود الوراثي وميكانيكا الكم ونظرية الانفجار العظيم، وما ينطبق على الفلك يصح على الفيزياء، والضوء ليس أسود وأبيض؛ بل هو طيف متدرج من الألوان استطاع نيوتن تحليله بموشور زجاجي. كما أن الحار والبارد لا يزيد عن الدرجات التي نشعر بها، ودرجة الحرارة 42 خطيرة على دماغنا ولكنها عادية عند الطيور.
واستطاع كالفن أن يصل إلى تحديد درجة البرودة القصوى نزولاً حتى 273,15 تحت الصفر، أما ارتفاع الحرارة فهو تصعد على سطح الشمس حتى 6000 ستة آلاف درجة وتغلي في باطنها ببضعة ملايين، وما انطبق على الفيزياء يصح على الكيمياء، فالحموضة لا تزيد عن درجة تركيز أيونات الهيدروجين في الوسط، والإلكترون يطير في غمامة حول قلب النواة بسرعة تقترب من سرعة الضوء.
ويمكن نقل هذا القانون إلى عالم الفكر حينما تقسّم الأشياء إلى صواب وخطأ وخير وشر، فكما توزعت درجة الحرارة على شكل طيف وليس على شكل استقطاب حدّي وان الانتقال من الحار إلى البارد وبالعكس هو انتقال في (الدرجة) وليس في (الحقيقة) فيمكن فهم الوجود على هذه الصورة.
والشر ليس قيمة موضوعية كما يرى عالم النفس (هادفيلد) بل (وظيفة خاطئة) والوظيفة (الشريرة) "هي استعمال اندفاع (خيّر) في وقت خاطئ في مكان خاطئ نحو غاية خاطئة".
ويذهب القرآن إلى عدم اعتبار الشر شراً، بل قد يكون خيراً "لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم" وفي الفلسفة حيرت مشكلة (الشر) العقول، ولكنها مسألة يمكن فهمها ضمن (بانوراما) كونية وليس ضمن فكرة (الثنائية)، فالشر ليس شراً كما يقول الفيلسوف (ابكتيتوس 55- 135 م) بل درجة في الخير حسب علاقتنا به بما فيه الموت.
فهذه الحياة مائدة عامرة دعانا الله إليها؛ فإذا انتهت وجب أن نشكر صاحب الوليمة وننصرف شاكرين حامدين لا باكين نادبين.
وفي تحليل سياسي قام به (مالك بن نبي) في عالم الأفكار ذهب إلى أن الضلال السياسي سببه الوقوع في ذهان (الاستحالة) و(السهولة) والأشياء في طبيعتها ليست كذلك بل تسبح في طيف من الممكن والصعب والمستحيل، والاستحالة تعني أن لا فائدة من بذل الجهد.
ولكن الكثير مما نظنه مستحيلاً هو صعب لا أكثر، ويتطلب بذل الجهد المكافئ، كما أن بعض الأمور المستحيلة تتحول إلى ممكنة مع الزمن كما في نقل الصوت والصورة بالقوة الكهروطيسية.
وحين نقع في رهان الزهد بالموجود والحلم بالمستحيل نرسل عقولنا إلى إجازة مفتوحة، وموقف العرب من اسرائيل هو من هذا القبيل؛ فإما كانت اسرائيل (دويلة عصابات) وإما (التنين النووي) وهي ليست ذلك ولا تلك.
ويمكن فهم الزلزال الأمريكي خارج منظومة زرادشت بين (أهرمان) إله الشر و(أهرمزدا) إله الخير، والاحتلال الأمريكي في جانب منه استعمار، وفي جانب منه خير، ولولا الآلة الأمريكية ما حطمت أصنام صدام جذاذاً، وتفرق البعث أيادي سبأ، وفي يوم احتلت أمريكا اليابان وألمانيا.
وروى لي الفيلسوف فيندوف من مدينة آخن في ألمانيا كيف جاع الألمان بعد الحرب فأكلوا لحاء الشجر وطبخوا أعشاب الأرض؛ ولم يكن يملك أحدهم في جيبه ماركاً واحداً، واليوم يحلق اليورو إلى سحب الغمام، وتملك اليابان أضخم احتياطي من الدولار 462 ملياراً مقابل 80 ملياراً تملكها أمريكا!!.
وكان سقراط ينظر إلى ذباب الخيل أنه يطرد عنها الخمول، ورأى (توينبي) المؤرخ البريطاني مصيبة اسرائيل أنها رحمة للعرب كي تخلق عندهم تحدي النهوض، ولا تتحول الدودة إلى فراشة فتطير دون معاناة، ولا أطهر من النار لتنقية المعدن من الشوائب، ولقد خلقنا الإنسان في كبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.