من الطبيعي أن ندفع ثمن ما يحدث من قوتنا اليومي ومن رفاهيتنا ومن خبزنا اليومي، ثمن الحروب، ثمن الاختلالات، والفساد، وثمن ضعف الدولة، وثمن التكالب عليها، وثمن طموحات القوى الخارجة على القانون، وثمن التدخلات الخارجية. كل تلك الأفعال يدفعها المواطن من قوته اليومي في صورة تقشفه المستمر وغلاء المعيشة الذي لا يتوقف وتدهور الاقتصاد الوطني والعالمي والإقليمي. يطمح الحوثي في الإمامة؛ فيدفع الشعب ثمن طموحه دماء وأرواحاً، ومعاناة، وتوقفاً للتنمية، وخراباً لتنمية عمرها أربعة عقود، وتراجعاً في قيم الاقتصاد الوطني، وتوقفاً في الإنتاج، ونزيف الإنفاق على الحرب وآثارها وتكاليف إعادة الإعمار. ويحلم الانفصاليون بالعودة إلى ما قبل التشطير، ويحلم أرباب الاستعمار بالعودة إلى ما قبل الاستقلال، ويحلم المتطرفون والقاعدة بعودة الخلافة الإسلامية على نموذج طالبان فيدفع الشعب ثمن تلك الرغبات المريضة والعنيفة من أمنه واستقراره، ورفاهيته. وبعد كل حرب وبعد كل تشعيبة يتضخم الاقتصاد الوطني، ويتدهور سعر العملة الوطنية، وترتفع قيم السلع، ويزيد عجز الموازنة العامة للدولة ويقل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة وتعجز الدولة عن توفير كل الاحتياجات المتزايدة للشعب وخاصة فيما يحتاج إلى عملة صعبة لاستيراده من السلع الكمالية والضرورية على السواء. تلك حصيلة كل حرب نخوضها؛ وهي حروب لا يكاد ينقضي عقد من الزمن إلا ويكون لنا موعد مع فتنة أو حرب أو صراع داخلي جديد، يدفع بعده كل مواطن الفاتورة من عيشه وكدّه ومعاناته المتواصلة والمتضاعفة. وما كادت الحرب في صعدة تضع أوزارها حتى كانت قائمة السلع المشمولة بقائمة الرسوم الإضافية ال 71 البشارة الأولى لمخلفات تلك الحرب. ومنذ انفضاض مجلس الوزراء من جلسته الاعتيادية ظهر الثلاثاء وحتى كتابة هذه السطور وأنا أحاول فك طلاسم تلك القائمة العجيبة التي لم تفرق بين الزنجبيل وبين مولدات الكهرباء، ولا بين لعب الأطفال وبين الألعاب النارية، ولم تفرق بين الدراجات النارية والدراجات الهوائية، ولم تفرق بين الكماليات وبين الثوم، ولم تفرق بين الصابون وبين المبيدات الحشرية!!. حاولت أن أجتهد لتبرير تصنيف القائمة؛ لكن ترتيبها ظل يخذلني في كل مرة، فتارة أحاول أن أقنع نفسي بأن الرسوم الإضافية تتعلق بالكماليات مثلاً؛ لكني أجد الضروريات فأتراجع عن حكمي، ثم أفترض أن المقصود هو السلع المستوردة ولو من الضروريات مقابل ما تنتجه اليمن محلياً؛ فيخذلني القرار الذي لا أجد في صياغته ما يدل على ذلك، ثم أقنع نفسي أن المستهدف هو السلع التي يقابلها إنتاج يمني فأفاجأ أن هناك سلعاً لا تنتج محلياً. وأخيراً اختلط عليّ الحابل بالنابل، ووجدتها عبارة عن خلطة تشبه خلطات أطباء الأعشاب السرية. ولم أعد أفهم الهدف المرجو من القائمة؛ هل هو ترشيد الاستهلاك أم ترشيد الاستيراد، هل هو توفير بيئة نظيفة أم بيئة غير نظيفة، كما في سلعة الصابون مثلاً، أم المساواة بين سلع النظافة وسلع التلوث كما في المبيدات والمنظفات، أم الحفاظ على البيئة والحفاظ على تلويثها كما في سلع الدراجات النارية، والدراجات الهوائية، أم في الحد من لعب الأطفال باعتبار لعبهم ضرباً من الكماليات، بحيث ينتقلون إلى نموذج صغار الحوثيين والحراك يحملون البنادق وينتقلون إلى الرجولة المقاتلة مباشرة، أم أن هناك مصانع وطنية للعب الأطفال سرية مثل سرية المصانع الحربية ونحن لا نعلم، أم أن الأولوية الاقتصادية لا تشمل الصغار ولا توفير مادة الكالسيوم، باعتبار أننا بلد ينافس الدانمارك في صناعة الغذاء؟!. أطلب من أهل الحل والعقد والعلم أن يساعدوني على فهم هذه القائمة ولو باستيراد خبرات أجنبية لغرض المساعدة في فهمها وترتيبها ولو شكلياً، لأن وضع الزنجبيل إلى جانب المبيدات الحشرية، والصابون إلى جانب الإسمنت، والعطر إلى جوار الثوم والبصل، يمكن أن يفسد على الخبراء الذين وضعوها كثيراً من الجهد الذي بذلوه، فضلاً عن إفساد الطبخة الاقتصادية. إني أشعر بالضيق ليس للأسعار التي سترتفع، ولا أدري كيف سأواجهها فحسب، ولكن من التشويش واللخبطة التي أصابتني جراء حيثيات ومعايير وضع القائمة فضلاً عن معايير ترتيبها. ترى أي نوع من القات تعاطى واضعو تلك القائمة؟!. أترك الإجابة للمقوت، وللحظ العاثر الذي يواجهنا.