اعترف مسبقاً أن هناك فجوة كبيرة في نظام التعليم الأساسي والثانوي والجامعي! تحتاج إلى وقفة جادة لإصلاحها من قبل كل المؤسسات التعليمية في اليمن، لوضع استراتيجية متكاملة لسد هذه الفجوة التي تحتاج إلى جهد ووقت ومال أيضا. ولأن الموضوع أكبر من أن يستوعبه مقالي فلن أناقش إلا موضوعاً واحداً وهو علاقة المعلم بالطالب! فما نسمعه ونشاهده هذه الأيام في المدارس والجامعات لا يمكن أن يصدق، من تردي هذه العلاقة بشكل لافت للنظر في المدارس والجامعات، لتتحول هذه العلاقة إلى ما يشبه العداء بينهما ومعاملة المعلم للطالب كندٍ له في حين أن العكس هو الأصح. المعلم هو الأكبر سناً وتجربة. هو الأكثر خبرة في الحياة. هو المعلم والمربي في آنٍ واحد، وأضع خطاً تحت كلمة المربي، لأهميتها ولأن ما يفعله المعلم أحيانا يعجز عن فعله أولياء الأمور في أحيان كثيرة، ولأن ما يسمعه ويتأثر به الطالب منه يفوق باقي المؤثرات المجتمعية الخارجة عن نطاق العائلة! لذلك فتحول العلاقة إلى ما يشبه القوي والضعيف، يشوهها ويلغي هدفها النبيل في إخراج جيل من الشباب ينهضون بالمجتمع ويعون مسئوليتهم تجاهه. عندما ينطلق المعلم من واجب شرح المعلومة بإخلاص، وإسداء النصح بمحبة سيجني ثمار ذلك: التميز والنجاح له وللطالب عندما يتجنب المعلم التهديد بخصم الدرجات أو العقاب بالرسوب، سيجني تحمل الطالب لكامل المسئولية عن ذاته وعن أداه المعرفي أولا وعن سلوكه ثانياً. بالطبع الأمر يختلف في استيعاب الطالب في مراحل تعليمه الأساسي والثانوي واستيعاب مشاكل كل مرحلة عن استيعاب الطالب في التعليم الجامعي! ففي الأولى هناك إعداد للثانية، وفي الأولى هناك علاقة حزم في مراحل أولى وتفهم لظروف سيكولوجية وتغيرات فسيولوجية في مراحل لاحقة. وفي الثانية هناك علاقة ثقة متبادلة بين الطرفين قائمة من زاوية تحمل المسئولية تجاه الذات والآخر والمجتمع. لذلك تعتبر أصعب وأسهل في آن واحد. أصعب إذا اعتبر الطالب أن ما يجنيه من تعليمه ليس إلا مواد يمتحن وينجح فيها دون رغبة في الإبداع أو التميز لتكون الشهادة الجامعية تحصيل حاصل، لوظيفة قادمة أو زيادة في راتب وظيفة حالية، وهؤلاء هم أنصاف المتعلمين والذين يشكلون عبئا ثقيلا على المجتمع وعائقاً في مسيرة تقدمه!... وأسهل إذا أعتبر الطالب أن ما يجنيه من تعليمه في المقام الأول هو معرفة، يطور بها ذاته ومهاراته ليجابه الحياة بأمل ورغبة في الحصول على الأفضل دائما له ولمحيطه العائلي والمجتمعي!... وهؤلاء هم المتعلمون الذين يُبنى على أكتافهم تاريخ الشعوب ويعود لهم الفضل في تقدمها وازدهارها. فبالتالي تكون مهمة المعلم الأساسية بشكل خاص في الجامعة هي بناء ذات الطالب وفق هذا التوجه النبيل. وما أن يشعر الطالب بهذه الرغبة الصادقة والمخلصة من المعلم فسيتلقاها بكل إدراك لأهميتها وأهمية دوره في بناء ذاته الأكاديمية والإنسانية وفق أسس سليمة، وأيضا بناء ما يخصه في المجتمع، ويصبح عاملاً إيجابياً مؤثراً فيمن حوله بشكل خاص، وهكذا تزداد الدائرة من أفراد حوله يشبهونه في التأثير والتأثر. وهذا هو المنحى الإنساني الأساس الذي يجب أن ندركه كمعلمين. فهل يدرك المعلم في المدرسة والدكتور في الجامعة دوره الإنساني قبل الأكاديمي، هذا ما نحتاجه لأن مدخل الإنسانية طريق سهل لبناء ذات الطالب الأكاديمي العلمي المتميز والمبدع...