الذين يقتاتون صباح مساء على الدس والوقيعة والخداع والنميمة يستغلون أنفسهم بالبقاء الدائم في أحضان القلق والهواجس المخيفة.. .. وحين يتفرغون لالتقاط أنفاس الآخرين وممارسة هواية القيل والقال فإنهم بذلك يشغلون أنفسهم وعقولهم ويؤثرون على تفكيرهم وأولويات حياتهم، ويظلّون محصورين في الفعل ورد الفعل، ولا يصيبون من يريدون إيذاءه بشيء؛ بقدر ما تكون الإصابة (مركزة) عليهم، وخسارتها واضحة في صحتهم وحياتهم واستقرارهم!. .. ويعلم القاصي والداني أن من يجيد مثل تلك الأساليب هو دائماً منبوذ وصغير في عيون الناس.. ولا يجد من يحمل له (الاحترام) بقدر ما يجد السيئات التي تتكاثر دون أن يحرص على ما هو ثابت في أن الحسنة بعشر أمثالها!. .. وقد يظهر من يقول إن ذكر الآخر بما لا يحب وراء ظهره ليس نميمة وإنما يأتي على سبيل (الحشّ) من زاوية الدعابة أو (التنكيت) وهو أمر خطأ؛ لأن (حشّ) هذه الأيام تجاوز المقبول في حضور من يناله الحشّ إلى المحذور في غياب من يطاله الكلام!. .. وربما أن واقع حال (البطالة) وما يعيشه الكثيرون من حالة (فراغ) تسهم في انتشار القيل والقال والدسائس.. لكن السبب المهم هو الابتعاد عن ما تحثنا عليه الشريعة الإسلامية، وهجرة الكثيرين لتعاليم الدين، وابتعاد الخطباء والوعاظ عن ملامسة هذا الداء الخطير الذي ينتشر في الأوساط المختلفة دون أن يهتم الفاهمون في فقه الشريعة بإيضاح الصورة والنصح والنهي عن المنكر!. .. وما يبقى ثابتاً وأساسياً ومفهوماً هو أن لا غيبة.. ولا نميمة.. ولا دسّ.. ولا وقيعة تنجح في أن تهز المقصود بها أو تؤثر عليه. .. لأن الحقيقة تظل واضحة.. جلية.. وإن تأخرت.. فهي تأتي لتنتصر لصاحبها.. وتكشف النمامين وأصحاب الحقد والحسد الذين قيل إنهم يمتلكون رغبة خارقة للإيذاء، وأول بواعثها الشعور بالنقص!. [email protected]