تحدث أحد الذين يزعمون أنهم يمتلكون الحقيقة وأن غيرهم يجهلون كل شيء وأكد في قوله أن الأحوال لايمكن أن تصلح بدونه ,وكنت على وشك الرد عليه إلا أن احد البسطاء من الناس كان أسرع إلى ذلك مني وقال باللهجة الشعبية البسيطة التي أوصلت الرسالة دون عناء (هي تيه المشكلة) ويقصد الغرور والزعم بامتلاك الحقيقة واستطرد قائلاً: فلو قلت لابد من تبادل الآراء لكان الخير فيما قلت ,وهذا دليل على أن البعض لايتحدث بأمانة ومسئولية ويظن بذلك بأنه سيد الموقف وغيره لايستطيعون اكتشاف الحق من الباطل ,دون أن يدرك بأن الشعب الذي بات على درجة من الوعي الذي يمكنه من التعرف على حقائق الأمور ولديه القدرة الكافية التي تجعله يفصل بين الادعاء بالباطل والحق الذي ينبغي أن يكون. إن أمانة المسئولية تفرض على الإنسان السوي أن يكون على قدر عال من التواضع والشعور بأمانة المسئولية لأن ممارسة الزيف تفقد الشخص ثقة الناس به ,وقد لايُصدّق حتى وإن قال كلاماً صحيحاً ,وهنا ينبغي الحرص الشديد في اختيار المسئولين لأن الاختيار السليم المبني على المعايير الموضوعية والكفاءة يعطي نتائج ايجابية تجعل المواطن يشعر بالثقة في كل المؤسسات ولايتردد في القيام بالواجب المفروض عليه . والسؤال الذي نكرره مراراً وتكراراً ولن نمل من ذلك حتى تستقيم الأمور هو: هل اختيار المسئولين وتعيينهم يتم عبر هيئة وطنية تطبق المعايير الموضوعية والشروط العلمية التي ينبغي أن تتوفر في من يشغل الوظيفة العامة أم أن الأمور لاصلة لها بالموضوعية والعلم والمهارات والخبرات؟ وأن القضية تكمن في القدرة على الالحاح والتدليس والاصرار على تولي وظيفة محددة ولايقبل بدونها، بمعنى أكثر تحديداً أن الوظيفة لاتعطى إلا لمن يطلبها وبإلحاح ولا أساس للمعايير الموضوعية. وإذا كانت الأمور تسير على هذا النحو فإن المستقبل لايبشر بخير للقيام بثورة إدارية للقضاء على الفساد وتجفيف منابعه ,فهل يدرك المعنيون هذه المسئولية ويعطوا الأمانة حقها من الاهتمام ,نأمل ذلك بإذن الله.