يبدو أن المسئولية لدى البعض مجرد”هنجمة”, بل تصل لدى هذا البعض إلى البلطجة بمعنى ممارسة موقع المسئولية لابتزاز الآخرين أو تحقيق مصالح غير مشروعة, ولذلك فإن بعض الناس يسعى بشكل جنوني للحصول على موقع معين من مواقع المسئولية, والأكثر غرابة أن الذين يسعون للحصول على المسئولية بطرق غير سليمة نجد أن الجهات المعنية تستجيب لأولئك النفر دون أدنى قدر من المعايير, وعندما تصل المسألة إلى البعض الآخر الذي يرى أن المسئولية تكليف وليست تشريفاً, وأنها أمانة في الدنيا يتحمل القائم بها تبعاتها في الدنيا والآخرة, فإن الوضع في هذه الحالة يتغير وتصبح المعايير والتأهيل والخبرة والكفاءة والقدرة على الأداء والتخصص, وغيرها من الشروط الإضافية جميعها تقف في وجه صاحب التخصص والكفاءة, ويمعن المعنيون في إيذاء صاحب التأهيل إلى درجة التنفير وحجب الوظيفة عنه تحت أية ذريعة يختلقها القائمون على هذا الأمر. إن حالة عدم الالتزام بالمعايير العلمية والمهنية في تولي الوظيفة العامة يخلق الفساد, ويحول القيم الإنسانية إلى حالة من الخيال, ويصبح الفساد ثقافة شيطانية تفرغ الأجهزة الإدارية والمؤسسات من المضمون القيمي والأخلاقي ويقضي على المعايير العلمية والقيم الإدارية, ومتى ماحدث كل ذلك فإن الفساد يسيطر على كل الأجهزة وتصبح المؤسسات مجرد مأوى آمن لممارسة الفساد الذي ستكون عاقبته الانهيار الكلي للمنشآت التي تمكن الفساد من السيطرة على مفاصلها. ولاأبالغ إن قلت بأن الفساد سرطان خبيث إذا ظهر في أي مرفق أو جزء منه ينبغي استئصال الجزء الذي انتشر فيه هذا الوباء الخبيث والعمل على تطهيره من آثاره الخطيرة على بقية أجزاء المرفق أو المنشأة, وهنا أضع سؤالاً جوهرياً ومهماً: هل أدركت الجهات المعنية بمحاربة الفساد خطورته على المجتمع والدولة, وهل أوجدت الآليات والتشريعات التي تجرم الفساد, وتنزل في حق مرتكبيه أقصى درجات العقوبة؟ إن استشراء الفساد في مختلف المرافق يبعث على القلق والخوف, ولذلك ندعو الجهات المعنية لبذل أقصى درجات الاستعداد للقضاء على الفساد وتجفيف منابعه بإذن الله.