يبدو أن البعض لا يقدر المسئولية ولا يعطيها حقها من الاهتمام، بل إن البعض من الذين سعوا للحصول على المواقع الإدارية في أجهزة الدولة لم يكن بدافع ان المسئولية تكليف وليست تشريفاً والأكثر من ذلك ان أولئك الذين سعوا للحصول على المواقع أو المناصب كان لديهم اعتقاد بأن المسئولية هنجمة وتحقيق مصالح خاصة دون أن يقدروا أن المسئولية التي ألقيت على عواتقهم أمانة عظيمة تبرأت منها السموات والأرض والجبال حيث قال تعالى ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوماً جهولاً) صدق الله العظيم. إن الكارثة التي تعيشها أجهزة الدولة أنها تولي المسئولية لمن يطلبها ويسعى لها ولم تكلف الدولة نفسها البحث عن الرجل المناسب تضعه في الموقع المناسب، بل غلب على هذا الجانب المزاجية والرغبة في ارضاء بعض المراكز والقوى دون أدنى قدر من الشعور بأمانة المسئولية، الأمر الذي جعل من المناصب مواقع للكسب المشروع وغير المشروع وجعل الباب مفتوحاً أمام الذين يرون في الحصول على المناصب مغنماً كبيراً يسعى للحصول عليه بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة. والغريب أن الطرق المشروعة لم تعد تجعل طالب تلك المناصب قادراً على الحصول على طلبه إذا لم يسلك مسالك شتى وهذا الأسلوب في الحصول على الوظيفة العامة أو المناصب القيادية أغلق الباب تماماً أمام الكفاءات المؤهلة والأمينة التي يعرف المجتمع صدق اخلاصها وعظيم وفائها لله والوطن وكل الثوابت والقيم الوطنية، والسبب ان تلك الكفاءات ترى بأن السعي للحصول على المناصب أمر معيب ويضع صاحبه في موقع الشبهة، بل إن البعض منهم يخاف من أمانة المسئولية وحجمها ويرى فيها كما أسلفنا تكليفاً وليست تشريفاً ولذلك فإن كانت الدولة مدركة وعارفة بقدرات وكفاءات أبنائها فإنها هي التي تبادر وتكلف, لأن لديها معايير موضوعية يتم الاختيار على أساسها ولأن الأمور لاتسير وفق هذا التصور فإن التكاسل والتواكل وعدم الشعور بالمسئولية سيكون السمة الظاهرة لأن من تولوا المسئولية لا يعرفون قدرها.. فهل حان الوقت للعمل بالمعايير الموضوعية? نأمل ذلك بإذن الله.