إذا كنا قد اشرنا إلى أولوية الحكومة خلال المرحلة الراهنة فإن الواجب يحتم على الجميع الشعور بالمسئولية الوطنية كل في موقع عمله، لأن الشعور بأمانة المسئولية وإعطاءها حقها من الاهتمام والحرص على تنفيذ الواجبات الملقاة على عاتق كل مسئول كبر موقعه أو صغر يصب في اتجاه تنفيذ أولويات الحكومة سواء الأولويات العشر التي كانت قد حددتها منذ بداية العام الحالي أو ما يستجد من الأولويات التي من أبرزها ما اشرنا إليه يوم أمس والمتعلقة بإيجاد آلية ضبطية تضبط السوق بما يحقق الاستقرار في الأسعار. الملاحظ ان درجة الشعور بأمانة المسئولية لدى بعض المسئولين متدنية بل إنها منعدمة تماماً في بعض المؤسسات والأجهزة ويظهر ذلك من خلال الاستمرار في الغياب وعدم إنجاز مصالح الناس، والتنصل من تحمل مسئولية الإخفاقات التي تحدث في تلك المؤسسات والأجهزة والبحث عن مبررات واهية لإخفاقات بعض المسئولين أو الاتكاء على الحلقة الأضعف في سلسلة تحمل تلك المسئولية ونحن على يقين لو أن المسئول الأول في أية منشأة حكومية كان على قدر عال من الشعور بأمانة المسئولية ويظهر أمام مرؤوسيه حرصه الشديد على المصالح العامة وينفذ القانون بصرامة ويعطي كل ذي حق حقه ويفعّل مبدأ الثواب والعقاب لما حدثت الاختلالات. إن تحمل أمانة المسؤولية يحتاج إلى ضمير حي وروح شفافة وقدرة فعالة وإنصاف ملتزم وصرامة ولذلك كله كان الأقدمون المتصفون بالضمائر الحية والشاعرون بحجم الأمانة وثقلها على كواهلهم لم يكونوا يسعون للحصول عليها مطلقاً لأنهم يرون أن الأمانة ومسئولياتها حمل ثقيل لا تقوى أجسادهم على تحمل العقاب في حالة التقصير ولأنهم يرون بأن العقاب على التقصير سيلاحقهم في الدنيا والآخرة ويرون بأن عقاب الخالق جل وعلا أعظم وأشد لأنهم يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية ولذلك كان الواحد منهم عندما تسند إليه أمانة المسئولية لا يهدأ له بال حتى يرى بأنه قد قام بواجب تلك المسئولية على الوجه المطلوب. ولئن كانت المسئولية تكليفاً لا تشريفاً فإن البعض للأسف يعتبرها تشريفاً وليست تكليفاً، الأمر الذي جعل من مسئولي التشريف يعيثون فساداً بأمانة المسئولية ويغيبون ضمائرهم لأنهم يرون أنفسهم فوق القانون ولا يمكن ان تطالهم يد العدالة ، فهل حان الوقت للشعور بعظمة المسئولية وأمانتها وتبعاتها من أجل القيام بالواجب ؟ وهل بدأنا الطريق من أجل اعتبار المسئولية تكليفاً لا تشريفاً ؟ نأمل ذلك ليهتم المسئولون بالأولويات من أجل راحة المواطن بإذن الله.