عندما تتعاظم الفتن وتزداد القلاقل, يظهر المنتفعون تجار الحروب الذين يحملون في قلوبهم حقداً على الوطن وغلاً على أبناء الشعب, وتصبح الأرضية صالحة لتجارتهم النفعية, فيعملون على تغذية تلك الفتن, وتصبح رغباتهم الانتقامية هي المسيطرة على سلوكياتهم, ولم تعد تقيّد أفعالهم لا قيم ولا أخلاق, لأنهم بسبب سيطرة الرغبة الانتقامية على عقلياتهم لم يعودوا يدركون آثار أفعالهم الإجرامية على الآخرين, بل إن النفعيين تجار الحروب يبذلون الكثير من أجل الاستفادة من أصحاب الأمراض المزمنة وضعفاء النفوس, ويعملون على جذبهم إلى صفهم والاستفادة من حالة الضعف لدى أولئك الضعفاء. كنت مطلع الأسبوع الحالي في إحدى المؤسسات ودار حديث مؤلم مع أحد المسئولين في تلك المؤسسة الذي شكا من بعض التجاوزات وحالة الإهمال وعدم الشعور بالمسئولية لدى البعض من المسئولين المعنيين بحل مشاكل الناس, وكان حديثي يتركز حول أمانة المسئولية وأهمية القيام بالواجب, وعلى الذين يجدون أنهم غير قادرين على حمل أمانة المسئولية أن يتنحوا عنها ويتركوها لمن يرى في المسئولية تكليفاً وليست تشريفاً, وأنها أمانة يأثم من يتحملها ثم يخونها. أثناء ذلك الحديث لحظت شخصاً شديد التأثر وأعطى لما قلته أهمية بالغة, وما إن فرغت من الحديث مع ذلك المسئول حتى طلب مني الجلوس معه لأستمع لما لديه من الهموم والمشاكل, فجلست إلى جواره أسمع لما يقول, وإذا بداخله كتلة من المشاكل والهموم والغيرة على الوطن ومصالحه العليا, وقد أشار في عرضه لمشاكله وهمومه إلى العديد من الممارسات التي ترتكبها بعض العناصر ذات الانتماءات الحزبية التي تؤمن بأن الحزبية غاية وليست وسيلة, من تلك الممارسات إثارة الفتنة, وبث الدعاية الكاذبة وتحريض الناس واستغلال حاجاتهم لدفعهم إلى افتعال المشاكل دون أدنى قدر لأمانة المسئولية أو الشعور بأهمية الولاء الوطني, بل إن أمثال هؤلاء يتصرفون وكأن الوطن لم يعد يهمهم لا من قريب ولا من بعيد. ولئن كانت غواية الشيطان قد استهوت أولئك النفر فإن الشعب مليء بالشرفاء والمخلصين, ولن تفت تلك الممارسات الحاقدة في عضد الوطنيين, الذين كرسوا حياتهم لخدمة الوطن ومصالحه العليا, لأن كيد الشيطان ضعيف ولن يدوم بإذن الله.