إن التناولات الفكرية والسياسية لشئون الحياة ينبغي أن تكون بهدف إصلاح الخلل إن وجد ومعالجة قضايا وهموم الناس بروح المسئولية، ولا يجوز تناول القضايا بهدف إذكاء النار وإشعال الفتن لإقلاق الأمن والنيل من الوحدة الوطنية، والإساءة إلى تاريخ الأمة ومحاولة استئصال جذور المعرفة الإنسانية، وتمزيق الروابط الإنسانية والدينية بين مكونات المجتمع الإنساني. لقد هالني ما سمعته أو قرأته أو شاهدته في المشهد السياسي لبعض القوى السياسية، وسبب ذلك الهول عدم الموضوعية والمصداقية، والاحتماء باستغلال قضايا الناس باتجاه تحقيق أغراض سياسية لا تخدم الصالح العام بقدر ما تحقق كسباً نفعياً رخيصاً لبعض القوى النفعية التي تجردت تماماً من الشعور بالمسئولية، واستخدمت القيم الدينية والمثل الأخلاقية ستاراً تغطي به عن جوهر الحقيقة في فعلها المنافي تماماً للدين والأخلاق، وجعلت من كل ذلك وسائل تستخدمها لتحقيق غايات غير مشروعة تلحق الأذى بمكونات المجتمع المدني، وتصيب السلم الاجتماعي في مقتل. إن الإصرار على استخدام الغايات الدينية والأخلاقية كوسائل لتحقيق أهداف عدوانية على الإرادة الكلية يعد خروجاً على المألوف وشذوذاً على القواعد المعرفية تبتدعه قوى نفعية لا تؤمن بالثوابت الدينية والوطنية، بل تأصل لفعل الشر وزرع الفتنة من أجل تقويض السلم الاجتماعي وخلق حالة من الفوضى العارمة التي تشل حركة الحياة وتنهي روح المسئولية الوطنية، وتمنع حركة التنمية، وتعكر صفو الحياة الآمنة والمستقرة خدمة للشيطان وأعوانه، لأن الذين يمارسون هذه التصرفات لم تعد لديهم مبادىء وقيم تشعل روح المسئولية الوطنية في نفوسهم، ولم يعد الوطن في فكرهم مقدساً، لأن أسلوب التربية الذي تعودوا عليه منذ وقت طويل قد مسح حب الوطن من الإيمان وألغى الحدود الجغرافية للوطن وأصبح الوطن لديهم الدرهم والدينار والدولار. إن الواجب الوطني والديني المقدس يحتم على كل العقلاء الذين يدركون خطورة تصرفات القوى النفعية، أن يقولوا الحقيقة وأن يكشفوا الستار ليدرك الشعب خطورة الإيمان بأن الغاية تبرر الوسيلة، وأن هذا مبدأ شيطاني يقود إلى الفتنة ويخلق الفوضى ويحيي نزعة الانتقام، وقد حان الوقت لإنقاذ المجتمع من هذا الفعل الشيطاني بإذن الله.