التنازل عن المبادئ والقيم والتزلف بذلك من أجل الحصول على المكاسب الشخصية أمر بالغ الخطورة على النسيج الاجتماعي، لأنه يؤسس للانتهازية والنفعية التي تقود إلى الانهيار الكامل للأخلاق وتسود الفوضى، ولذلك فإن المجتمع اليمني الذي تميز بقوة الصبر وشدة العزم يواجه خلال هذه المرحلة الخطرة فوضوية الانتهازية والتجرد من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تحاول القوى النفعية فرضها من خلال المشهد السياسي شديد الانتهازية والنفعية. إن التقلبات غير المنطقية والاعتماد على الزيف والزور بات اليوم الصفة البارزة لمن لايؤمنون بالثوابت والقيم الأخلاقية، ولم يعد يدرك الانتهازيون والنفعيون أن قول الزور والبهتان والتزلف بات مفضوحاً وأصبح أصحاب هذا السلوك الهمجي محط احتقار من المجتمع وممن يقبلون زيفهم وزورهم وبهتانهم، لأن المجتمع اليمني اليوم على درجة عالية من الوعي والإدراك، ولم تعد تخدعه وسائل القول والفعل الفاجر، بقدر ما أنه يكتشف الحقيقة من خلال نفس تلك الوسائل التي سخرت لهدم القيم والمبادئ الإنسانية والتي يهدف القائمون عليها إلى تحويل المجتمع كوماً من الخراب والدمار المادي البارز للعيان. لقد شعر المجتمع المدني اليمني الصابر بحجم الكارثة التي يريد الانتهازيون النفعيون جلبها إلى الوطن، وأدرك المجتمع أن الشعارات التي طرحها أصحاب المنافع والمصالح الخاصة لم تكن سوى الطعم الذي تمكن الانتهازيون من تقديمه إلى البسطاء من الناس الذين يتحركون بالعاطفة ولايدركون المخاطر التي تحدق بالوطن والمواطن جراء تلك التصرفات الغوغائية المدمرة، وبالرغم من أن هذا الإدراك قد جاء متأخراً إلا أنه إدراك مفيد لأنه يعري قوى الشر والعدوان الساعية إلى تدمير المجتمع من أجل مصالحها الذاتية المطلقة. إن المجتمع الذي ذاق خلال أكثر من عام ونصف مرارة الفوضى العارمة التي دمرت القيم الوطنية والدينية والإنسانية لدى بعض البسطاء من الناس استيقظ على سراب الوهم الذي زينه أصحاب المصالح الخاصة، وأدرك اليقين الذي لاحياد عنه وهو أن تجار الحروب وصناع الأزمات لايهمهم وطن ولامواطن وإنما المصالح الخاصة، ومع هذا الإدراك الواضح مازلنا نرى بعض المتزلفين يعيثون في الأرض فساداً، الأمر الذي يتطلب المزيد من تماسك المجتمع من أجل حماية القيم والمبادئ الوطنية والدينية والإنسانية بإذن الله.