لا يشك أحد في أن الحوار أعلى درجات التفاهم الإنساني الذي يعبر عن المستوى الحضاري لدى المؤمنين بقيمه وآدابه وأخلاقياته ونتائجه، ولكن المشكلة التي تؤرق الوطنيين الشرفاء والمخلصين العظماء أن القيم والمبادىء والآداب خارج مسرح الفعل السياسي النفعي، لأن البعض من الذين يتعاطون العمل السياسي يحاولون في كل مرة التآمر على تلك المبادىء والقيم والآداب والأخلاقيات، ظناً من ذلك البعض أن ذلك الأسلوب سيوصله إلى مبتغاه النفعي الضيق، وقد برهنت الأحداث أن الحوار الذي يجعل مصلحة المواطن فوق كل الاعتبارات هو الوسيلة الوحيدة التي توصل الجميع إلى الرؤية الوطنية الشاملة التي تحقق الخير العام للوطن والمواطن، لأن تلك الوسيلة الحضارية الإنسانية تنطلق من الرغبة الكلية الجامعة للشعب صاحب الشرعية ومصدر السلطة. إن الالتزام بقيم ومبادىء وآداب وأخلاقيات الحوار هو الدليل العملي على حضارية وإنسانية ووطنية المتحاورين وجدّيتهم في الوصول إلى نتائج نافعة وناجحة ملزمة للجميع، لأن مصدر إلزاميتها شرعية الحوار الذي بات مطلباً شرعياً وشعبياً طالما التزم الجميع بالمصالح العليا للبلاد ووضعوها فوق كل الاعتبارات النفعية واستشعر الجميع بأنهم أمام مسئولية وطنية كبرى ينبغي القيام بها على الوجه الذي يحقق مصلحة الوطن العليا ويتجاوز صغائر الأمور . نعم , إن الواجب الديني والوطني المقدّس يحتّم على جميع أطراف الحوار أن يدركوا بأن الوطن أمانة في أعناق الجميع، وأن أي خروج على آداب وأخلاقيات ومبادىء الحوار يعني الخروج على إرادة الشعب صاحب الشرعية ومصدر السلطة، الذي سيراقب عملية الحوار العلني والشفاف وسيتبين الغث من السمين، ولن يرحم الشعب من يحاول الخروج على منهج الشعب وإرادته . وليدرك الجميع بأننا أمام مرحلة بالغة الحساسية، لأننا بالحوار الوطني الشفاف نصنع المستقبل ونحدد معالم الطريق التي نسير عليها. ولئن كانت الأحزاب والتنظيمات السياسية قد خطت خطوة إيجابية باتجاه المستقبل فإن على المخلصين وأصحاب الرأي أن يكونوا عوناً وسنداً لذلك الاتجاه الوطني لأننا جميعاً شركاء في صنع المستقبل وتحديد معالم الطريق لنصل إلى بر الأمان بإذن لله.