في المشافي المتقدمة يوجد قسم متخصص بتفتيت الحصى بدون عمليات جراحية، وهو أمر يدعو للغرابة والتأمل، لأن تاريخ الطب لمعالجة حصيات الكلية عندما قفز الى العمل الجراحي كان فتحاً مبيناً، أما أن يتم تفتيت الحصى من الخارج بجهاز لا نسمع منه قرقعة قاعات العمليات الجراحية فأمر مذهل حقاً وبإمكان القاريء أن يذهب الى أي مشفى ليرى بعينه هذا الجهاز السحري. والسؤال الأعجب، ولعل بعض الفنيين والأطباء الذين يعملون على هذا الجهاز لايخطر في بالهم هو:كيف تطور هذا الجهاز وولد الى عالم الواقع بعد أن كان فكرة؟. وهي قصة جديرة بالتأمل وهي تروي حكاية الاختراعات كلها. ويرجع الفضل الى فكرة هذا الجهاز لعالم ألماني كان في منزله يوماً ومرت فوق البيت طائرة اخترقت سرعة الصوت المعروفة بسرعة (ماخ)، ولعل الكثيرين يعرفون هذه الظاهرة وكيف أنها تكسر الزجاج أحياناً وهذا الذي حصل ولكن لايتفطن أحد الى ربط هذه الفكرة بعالم الواقع بحيث نستفيد منها في تطبيق يومي كما حدث مع الرعد والبرق الذي كان مصدراً للرعب فأصبح مصدراً للطاقة التي لاتقوم كل حياتنا اليوم بدونها ولانتصور ان نشغل أي جهاز الا بالكهرباء. كانت جناً مغيباً فأمسكناه بسلك كما في قصة الجني والمصباح السحري فأضحى الجني في أيدنا يخدمنا على مدار الساعة بطاقة لاتعرف النفاد. والذي حصل للعالم الذي رأى تحطم نافذة منزله بعد فرقعة الطيارة أنه لم يرتعب ولكن وجّه نظره الى فكرة تحطم الزجاج ولماذا حدث وماهي علاقة تحطم الزجاج بمرور الطائرة والصوت الهائل ثم لماذا لم يحدث له أي شيء؟ أي كيف نفهم حطام البلّور وسلامة اللحم الحي؟ قال إنها قطعاً بسبب موجة الصوت فإذا كانت هذه الموجة تزيد عن سرعة الصوت فإنها تحدث أثراً صادماً يكسر الزجاج الذي هو في الأصل من مادة السيليكون أي الحجارة، ولكن هذه الموجة ليس لها أثر على اللحم أي أن الحصيات الموجودة داخل اللحم يمكن ان تتحطم بدون أي أذى للحم الحي، ثم قال في نفسه: إننا إذا كنا نستطيع كسر الحصيات بالموجات فوق الصوتية فلماذا لانطبقها على الانسان خصوصاً أنها لم تؤذِ اللحم، فالبشر الذين يسمعون فرقعة الطائرة وهي تكسر حاجز الصوت لايحدث لهم شيء. ثم قام بتطبيق ذلك على حصيات الكلية حيث نقوم بكسر حجارة الكلية بدون أن نؤذي اللحم الحي. وزيادة في توصيل الموجة فقد وضع المريض في حوض مائي. وهكذا ولدت فكرة تكسير حصيات الكلية ليتم أيضاً تطبيقها على حصيات المرارة بشكل محدود والعلم ينمو بطريقة الحذف والاضافة. وعندما اكتشف (فيلهلم رونتجن) بطريق الصدفة الأشعة السينية وكان أول حائز لجائزة نوبل في تاريخ العلم ولم تكن مليون دولار كما هو اليوم لم يتوقع أن يصل تطبيق طريقته الى رؤية كل الأعضاء الحيوية وتطوير جهاز التصوير الطبقي المحوري (C.T.SCAN). فنحن اليوم نرى الشرايين بطريقة رونتجن ونتأمل حركة تقلص المعدة بجرعة الباريوم والذي رآه رونتجن كان عظام زوجته وبأصبعها خاتم وسبحان الذي سخّر لنا هذا وماكنا له مقرنين.