عندما دعيت الى منتدى سجى للانتاج الفني في عمان عام 1998 م والتي تصدر حلقاتها هذه الأيام اجتمعت بأناس أفاضل من خيرة علماء الأمة واليوم هم وجوه لامعة في شاشات المحطات الفضائية. ولكن الشيء العجيب والمحير أنني اكتشفت أن مشكلة العنف غامضة عند الأكثرية بين مستغرب ومتجاهل ومستخف ومستنكر أو حتى محارب لفكرة السلام الاجتماعي. وفي هذه النقطة الحيوية لم يكن هناك قرار ورؤية محددة. وكان الاختلاط يأتي دوماً من نقطتين (الظلم الاجتماعي) هل يجب السكوت عليه. والثانية الصراع العربي الاسرائيلي. وفي تقديري فإن الغموض الذي يعتور هذه النقطة هو الذي يفجر العنف في العالم العربي في أماكن شتى كما نرى حالياً في الجزائر وسابقاً انفجر في لبنان وسوريا ويمكن أن يحدث في أي مكان بسبب بسيط أنه تحول الى مرض متوطن مثل البلهارسيا في مصر والكوليرا في الهند. كما أنني كتبت مقالة في الشرق الأوسط عما يحدث داخل اسرائيل اعتبرتها تأسيسية حذرت فيها من التورط الى المقاومة المسلحة ضد اسرائيل فهو الذي تريده وتبرع فيه. ولم تنجح كل حروب الجيوش العربية ضدها بسبب بسيط هو الترسانة الأمريكية وهو ماحدث في حرب عام 1973 عندما عوض لها كل شيء في ساعات معدودات. وأن أطفال الحجارة في الانتفاضة يعيدون دور داود عليه السلام ضد جالوت. وأعود الى العنف الداخلي فأقول: إن خطورة هذا الكلام أن عدوى الاصابة بهذا المرض قائمة ولايوجد لقاحات معممة لهذا المرض وما أقوله وكتبت عنه الكثير يشكل نشازاً في الموسيقى العامة. لقد قام عالم الاجتماع الفرنسي (غاستون بوتول) بإنشاء معهد سماه (مستشفى مرض الحرب). قال: إن الأمراض التي تحصد أرواح الناس أنشئت لها كليات الطب والمستوصفات والمشافي والمخابر والتخصصات الطبية، ولكن الحرب تودي بحياة الناس أكثر من كل الطواعين مجتمعة التي التهمت حياة الناس. أفليس الأجدى لنا دراسة هذا المرض الخطير والعضال الوبيل؟ وهو محق في هذا والعالم اليوم بدأ يقترب من حافة السلام العالمي ولكن بطء وليس بوعي. وهكذا نعاصر اليوم أوروبا وهي تتحد وتكف عن شن الحروب الدينية والقومية والعالمية. ولم تعد تتحد تحت مدفع نابوليون أو مدرعات هتلر ولا تحت شعار ألمانيا فوق الجميع بل ألمانيا مثل الجميع. وبالطبع سيقول أحدهم: فما بال حرب كوسوفو والبوسنة والشيشان؟ وجوابي: إن هذه هي عصر نهاية الحروب كما يحدث في الجيش المنهزم المنسحب أو كما يموت الانسان فيختم حياته بشيء من الاختلاج في ساعة الاحتضار. وما يحدث من آخر انطفاء لشمعة الحرب ولهبها هو موت واختلاج كيان الحرب على هذه الشاكلة . نعم لقد ماتت الحرب. وأكاد أقول:شبعت موتاً وتفسخت جثتها وزكمت الأنوف وعالم الكبار يضحك علينا كل يوم ويريد أن يحافظ على امتيازاته ويستمر في بيعنا أصنام الأسلحة. ويجب أن ينتبه الناس في العالم الثالث الى هذه الظاهرة فيكفوا عن شراء الأسلحة لأنها لاتزيد عن أصنام قريش التي لاتملك ضراً ولانفعاً ولاموتاً ولاحياة ولانشوراً.