كرس قادة الثورة اليمنية كل جهودهم لوضع الأهداف الستة للثورة لمبادئ يجب تنفيذها منذ الدقائق الأولى, وقد كان التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات وبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها ورفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً وإنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف واحترام مواثيق الأممالمتحدة، الحجر الأساس لأعمالهم في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. ولعلهم كانوا يدركون بأن هذا الاستحقاق الشعبي والحلم الذي راود اليمنيين منذ أن تفككت الدول والممالك اليمنية قبل انهيار سد مأرب أن تراكمات الفترات التاريخية والتحولات التي أعقبت أزمنة الرخاء والتوحد والإبداع قد أنست بعض رموز الأجيال التي تعاقبت على مدى أكثر من ألفي سنة مايجب عليهم تجاه التاريخ القديم لليمن والحفاظ على الوثائق والشواهد التي تحكي قصصاً مليئة بالمواقف والشخصيات اليمنية التي صنعت حضارات عظيمة شهد لها الآخرون بالتميز.. وما الشورى في عهد بلقيس التي سبقت غيرها من النساء اللاتي كان لهن حيز في قيادة شعوبهن ورفع سمعتها بين الأمم إلا دليل على عمق التفكير وحدة الذكاء لأن الشورى والديمقراطية أقوى وأسلم من أي سلاح لإخضاع الشعوب وجمع صفوفها وتوحيد كلمتها وسلاسة قيادتها وضمان إخلاصها للحكم والحاكمين لثقتها بأنهم يعملون من أجل الوطن وتمجيد الرجال العظام الذين خدموا هذه الأرض بما فيهم المهندسون الذين بنوا سد مأرب أعجوبة تلك العصور وصاحب الفضل في ظهور الجنتين وإشباع الناس بالطعام والفواكه.. إن الوحدة اليمنية هدف رئيسي من أهداف الثورة باتفاق الثوار الذين مهدوا لقيام الثورة الحاسمة صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م وثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م ولكنه يحتاج لضمان إزالة الترسبات السلبية التي أوجدها طرفا التخلف والجهل، والفقر والمرض وهما الاستبداد الإمامي والاحتلال الأجنبي على مدى حوالي قرن ونصف القرن بالاتفاق والتضامن ووفق الرؤية البريطانية« فرّق تسد» التي طبقها الإماميون حرفياً وزادوا عليها بإضافة الشعوذة لضمان سيطرتهم ومنع بناء المدارس والمشافي وشق الطرق وإقامة جيش حديث واستخراج الثروات وتطوير الزراعة.. والبرهان على ذلك أن إعلان إعادة الوحدة لم يتحقق عقب الاستقلال ورحيل جيش ونظام الاحتلال نظراً لوجود خلايا من العملاء الذين دربهم البريطانيون بالتعليم والتدريب والعمل الإداري على بث الخلافات بين فصائل وقيادات الكفاح المسلح حول إعلان إعادة الوحدة اليمنية بشيء من التخويف من عامل التفوق السكاني لأبناء الشمال وأشياء أخرى يرددها اليوم بعض المناهضين للوحدة اليمنية, وإذا كان مايحدث اليوم هو قدر من صنع الإنسان فليس من الصعب على غالبية أو كل اليمنيين تحطيم كل العقبات التي تعترض مسيرة الوحدة الوطنية بالعمل المخلص وبالعدالة والتساوي في الحقوق والواجبات وتطهير الأرض من الفاسدين والمفسدين..