واحدة من المحميات الطبيعية في اليمن وأقربها إلى النفس والسحر، وقد وصُفت منذ زمن بعيد بسلة أغذية فيها من كل «فاكهة مما يشتهون» وحبوب وبن وخضروات ونباتات من عطر وريحان. عتمة.. هل هبط اسمها المشتق من «العتم» من ظلمة ليل أم من شجر الزيتون البري (العَتم) الذي يعد من خصوصيات هذه المحمية الطبيعية الحسناء التي تقع في الجنوب الغربي من صنعاء وعلى بعد (58) كم تقريباً سيكتشف أي زائر لها أن هذا التقدير الرقمي للمسافة هو ليس كذلك حين تطأ قدمه فراديس عتمة.. إنها مجرد سنتيمترات هكذا يقول الزائر حين يصلها.. تحيطها من الشمال ضوران آنس وجبل الشرق والسلفية. ومن الجنوب القفر ومن الشرق مغرب عنس وأما كسمة ووصاب العالي وريمة إلى تهامة فعلى الغرب منها. ..فصولها كلها ربيع لمناخها المعتدل وموقعها المتميز بتضاريسه الجبلية المتنوعة في سياق متحد.. وترتفع فيها معدلات سقوط الأمطار السنوية، لذلك فعتمة عيون وينابيع لا يكف ماؤها النمير عن هدير شلالاته وهمس انسياباته في الوديان والسهول.. بقرار مجلس الوزراء رقم (731) لسنة 9991م صارت عتمة محمية طبيعية بعد أن تم الإعلان عنها وهي تضم خمسة مخاليف وتتوزعها أحراش ومراع وغابات من أشجار معمرة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ الطبيعي وبأغصانها في وجه السماء. تزرع عتمة وترعى.. هذا هو نشاطها الاقتصادي الأساسي، حيث الأبقار والدواجن والأغنام وحيث الذرة الشامية والبقوليات والذرة الرفيعة والبن في حظيرة وسلة واحدة :عتمة. خضراء طوال العام ولديها موروث ثقافي وتاريخي واجتماعي وطبيعي يجعل منها ذات خصوصية وامتياز غير قابل للمقارنات.. مدرجاتها تكاد أن تصعد ما فوق جبالها .. يعانقها ضباب وترفل فيها سبول وطيور.. وتاريخ من قلاع وحصون شاهقة هناك.. وفي ثنايا سهولها ووديانها الراقصة بالماء والحافلة بالبركات والطبيعة حيوانات من أزمنة منقرضة تزحف وتتخايل أمام زائريها ومنها ما يفترس. لاشيء كعتمة جمالاً وكمالاً وإغراء .. زارها سليمان العيسى فصارت أجمل قصيدة في ديوان الشاعر السوري والعربي الكبير .. العيسى الذي أقام في اليمن وأحب كل مدنها وقراها وناسها فكتب وغنى ومنح «عتمة» المضمّخة بعطر نباتاتها وناسها أجمل الكلمات: يطيب الشعر في عتمة وأنت تصافح القمة وتشرد نسمة عذراء لتملأ صدرك النسمة منازلها وكور النسر تهوي فوقها النجمة وتلثمها لتتركها على أوتارنا نغمة نعود إليك يا وطن الجمال البكر ياعتمة