مع تزايد الخلافات الإثيوبية الإريترية نجحت جيبوتي في الاحتفاظ بمسافة متساوية بين الطرفين الإثيوبي والإريتري، فهي لم تتدخل لصالح طرف منهما، لكنها أيضاً أفسحت المجال للتجارة الإثيوبية من خلال ميناء جيبوتي، وذلك عطفاً على إغلاق ميناء أسمرة في وجه التجارة الإثيوبية، وكان الموقف مستوعباً حتى من قبل إريتريا التي لا ترى أن خلافها مع أديس يذهب بها بعيداً في تبني حصار قاتل لشعب شقيق . وفي هذا الباب نشير إلى أن ترتيبات العلاقات الإثيوبية الإريترية الجيبوتية تجري دون عناية العالم العربي، وكأنه أمر يتم في المريخ . وبالتوازي مع ذلك نلاحظ أن الجهود السياسية العربية في تسوية المشكلة الصومالية كانت في ذيل القائمة، وبالمقابل كانت هنالك أدوار متواترة لعديد من الدول الإفريقية، وخاصة اثيوبياوكينيا وجيبوتي، فقد كان لجيبوتي شرف رعاية أكبر لقاء تصالحي بين الصوماليين فيما سمي حينها بشرعية مؤتمر «عرتا»، وكان لإثيوبيا أيضاً أدوار هامة في احتضان الحوارات الصومالية، أما كينيا فقد انبثقت عنها شرعية «نيروبي» ، وكانت اليمن الدولة العربية الوحيدة التي حرصت على أن تبارك مؤتمرات الشرعية، وحاولت غير مرة أن تجمع فرقاء الساحة الصومالية، وانفردت باحتضان أكثر من مليون لاجئ صومالي بالرغم من أحوالها المادية الصعبة.