في زيارة سابقة لدولة الإمارات العربية المتحدة كان الرئيس الجيبوتي «إسماعيل عمر جيلة» موفقاً في التقاطته الحصيفة لضرورة تمتين أواصر العلاقات الإماراتية الجيبوتية من خلال وقائع ملموسة تجسّدت في الاتفاق مع حكومة دبي وسلطة ميناء جبل علي لتشغيل ميناء جيبوتي، الأمر الذي أسفر عن حراك حقيقي في أداء ميناء جيبوتي وضاعف من ميزاته النسبية، فيما فتح الباب لمتوالية نماء تجاري واستثماري تشهده جيبوتي الآن . وفي الزيارة الحالية من المؤكد أن الثمار التي جاءت عطفاً على ما كان ستتعزز بالمزيد من تمتين العلاقات بين البلدين على قاعدة النظر للتنمية بروحية تتسق مع العصر واستحقاقاته وتحدياته، ذلك الأمر الذي التقطه الرئيس الجيبوتي قبل حين، وببراغماتية مشهودة، وبحرص على السير قدماً في درب التنمية استناداً إلى خبرات الأشقاء والأصدقاء، ودونما كوابح إجرائية بيروقراطية تُعطل المقاصد الحقيقية من وراء تلك الاتفاقيات . يشهد ميناء جيبوتي حالياً نماءً متزايدًا في عمليات التشغيل، ويسعد برعاية شاملة من سلطة جبل علي ذات الآفاق العالمية تسييراً واستثماراً وإمكانيات، وتنعم جيبوتي بثمار هذا التعاون العربي الكبير والذي نتمنى أن يسود في عموم الإقليم الجغرافي العربي . لقد أنجزت دولة الإمارات العربية المتحدة ملحمة اقتصادية واجتماعية يشهد بها القاصي والداني مما ينعكس جلياً على الأرض ، ولقد انزاحت التجربة بثمار الرؤيا والعمل على العديد من مناطق العالم الرائي لميزاتها وأهميتها، وليست جيبوتي الوحيدة في هذا الميدان، لكن إنجازها المشترك مع دولة الإمارات تميز بقدر واضح من المرونة والحيوية، وكان مستوعباً للضرورة واستتباعاتها الحقيقية على الأرض . تلك المأثرة التي وسمت سيرة الرئيس الجيبوتي العملية لم تقف عند تخوم الاقتصاد، بل طالت العلاقات البينية إقليمياً، فقد تصالحت جيبوتي مع نفسها وجيرانها، ونأت بنفسها عن خلافات الجوار الإثيوبي الاريتري ، وأنجزت ملحمة مؤتمر “ عرتا “ للمصالحة الصومالية والذي أذن بعهد جديد في المفاوضات الصومالية البينية، وصولاً إلى إنجاز مؤتمر “ نيروبي “ وتبلور الشرعية، وبغض النظر عمّا آلت إليه أمور الصومال المتطاحن حتى اللحظة، إلا أن مؤتمر عرتا كان علامة فارقة في المصالحة الصومالية المُسيّجة بدعم إقليمي مشهود وبحضور مُتوج لرؤساء اليمن والسودان واريتريا وإثيوبيا، وبرعاية شخصية للرئيس إسماعيل عمر جيلة . يتوقع المراقبون أن تكون لزيارة الرئيس إسماعيل للإمارات نتائج تكمّل ما تم تدشينه في الزيارة السابقة، وتعتلي بالعلاقات الإماراتية الجيبوتية كنموذج ايجابي للعلاقات العربية العربية ، ولسان حال الجميع يكرر قول الرسول الكريم “ الأقربون أولى بالمعروف “ ودولة الإمارات لا تبخل بما تقدر عليه إن وجدت استيعاباً منهجياً ومؤسسات عربية حاضنة ..