- د. عمر عبد العزيز .. إنجازات الخارج وصعوبات المعطيات الداخلية للبلدان العربية والأفريقية يحيلنا مباشرة إلى حقيقة مهمة تتعلق بشغف الأنظمة لتحقيق انجازات على خط الغير، مقابل إهمال الاستحقاقات الداخلية ثقيلة الوطأة على آليات الانظمة وما تعودت عليه، ولعلنا نجد شبيهاً لهذه الحالة في دور أريتريا الحالي تجاه المسألة السودانية مع فارق جوهري في الرؤية، فاريتريا لا تخطط لدوراقليمي عميق الصلة بأوضاعها الداخلية فحسب، بل تتوخّى مكانة أساسية في صنع المعادلة السياسية الاقليمية، الأمر الذي قد يعتبره بعض المرجعيات السياسية الاقليمية بمثابة تنطّع على الجغرافيا والتاريخ، باعتبار ان اريتريا دولة صغيرة قياساً بأثيوبيا والسودان واليمن . خلال الأسابيع القليلة الماضية سجّلت اريتريا نجاحات على درب المساهمة في المشكلة السودانية الداخلية، وقد أثمر هذا الاختراق تحسيناً جوهرياً للعلاقة مع الخرطوم من جهة، مقابل تقليل فرص نمو العلاقات السودانية الاثيوبية، كما ان التفاهم السوداني الاريتري يطمئن النظام في السودان على خاصرته الشرقية، خاصة بعد توقيع اتفاق أسمرة بين الحكومة السودانية وفصائل شرق السودان. ولم يتوقف الدورالارتيري عند شرق السودان بل شمل غرب السودان حيث أن اريتريا تسهم الآن عملياً في تطوير اتفاقية أبوجا، وبما يؤدي الى توسيع نطاق الاتفاقية مع الدارفوريين . واذا ما تم إنجاز هذه المحطة التالية على محطة اتفاق اسمرة فإن اريتريا ستكون قد خطّت لنفسها مكاناً استثنائياً في ذاكرة السياسة السودانية المُتصالحة مع الخلافات والباحثة عن مخرج للأزمات . وعلى خط متصل تابعت اريتريا تطورات الموقف السياسي العسكري في الصومال، ولم تنجرف إلى إعلان موقف مؤيد للمحاكم الشرعية الاسلامية ، وان كانت المؤشرات تدل على مساعدتها للمحاكم نكاية بالدور الاثيوبي في المنطقة . هذا الحضورالارتيري غير المباشر في دعم المحاكم الاسلامية يقلل من فرص اعتمادية اوراق الحل على دولة اقليمية واحدة هي اثيوبيا، فيما يفتح الباب لمشاركة دول الاقليم في تسوية المسألة الصومالية اذا لم يتم حسم الموقف في الداخل لصالح أحد الطرفين المتحاربين الآن " المحاكم أو الشرعية . الموقف الاريتري المتأني في الانسجام مع طرف ما في المعادلة الصومالية يذكرنا بذات الموقف الذي كان بُعيد مؤتمر المصالحة الصومالية في " عرتا " بجيبوتي، حيث باركت أسمرة الحل، لكنها كانت الوحيدة من دول الاقليم التي قالت بضرورة " استكمال ملامح ذلك الحل "، وبالفعل أثبتت الأيام صحة ما ذهب اليه الرئيس " أسياسي أفورقي " يومها، فالإجماع الاقليمي على تأييد ودعم نتائج " عرتا " لم يُمكّن حكومة الرئيس السابق " عبدي قاسم صلاد " من بسط نفوذها على العاصمة الصومالية وبقية الاقاليم التي كان يسيطر عليها امراء الحرب قبل ان يتم دحرهم بفيالق المحاكم الشرعية الاسلامية. [email protected]