نفهم الآراء السياسية حتى تلك التي لا نتفق معها وندرك أن الناس يفهمون السياسة حسب مفاهيمهم وثقافاتهم وربما حسب مصالحهم، وهذه الأخيرة يجيز لأصحابها الكثير من التصرفات والأفعال دون اكتراث بمصالح الآخرين والمصلحة الوطنية التي أصبحت ورقة في بورصة المصالح الشخصية.. لكن مالا يمكن فهمه هو التوظيف السيىء للدين والشريعة لخدمة الأهواء والرغبات والمصالح والعمل بها ضد الناس وضد مصالح الأمة.. هذا ما يحدث بالضبط حين انبرى أحدهم مرتدياً لباس الدين والتقوى والورع مفتياً بالانفصال وفقاً لمبررات من صناعة الشيطان وحده، واستدل بنصوص وأقوال تصب في قالب فتواه السيئة.. لقد أعانه الشيطان كثيراً في سرد فتواه، ذلك أن الشياطين تُعين الأفاكين الآثمين طريقة سافرة في تحدي العقل والدين معاً لصالح فكرة تدعو للخراب وإراقة الدماء وتدمير كل البنيان والحياة.. هكذا زيّن لهم الشيطان سوء أعمالهم.. ما كنت أتصور أن يظل واحد من أمثال هذا المفتي الشرعي كما سمّى نفسه وسماه غيره من أمثاله بمفتي(الخراب) ليقول إن هناك نصوصاً شرعية تجيز تمزيق الأمة الواحدة لمجرد خلاف ينشأ بين اثنين من الناس أو بين حزبين أو بين السلطة والمعارضة. كلام ضد العقل وضد المنطق السليم أن يكون للفوضى وللخراب وإراقة دماء المسلمين مفتون يدعون لها ويتحدون الله ورسوله بما يقولون ظناً منهم أنهم يؤدون رسالة. أين هم علماء الدين من دعوات هؤلاء وأقوالهم وفتواهم، لماذا الصمت وقد أطل الأفاك الأثيم مفتياً بوجوب دعوات الانفصال وشرعيتها مستدلاً بأقوال مشائخ منهم وضعها في غير سياقها ووضع نصوصاً قرآنية وأحاديث نبوية قبل ذلك مستدلاً بها على صدق ما يقول. ألا تستحق هذه الجرأة على الدين وقفة ليبينوا له؟ بطلان أقواله وفتواه الشريرة التي تدعو لفتح أبواب الشر وجحيم الصراع وتضلل البسطاء من الناس الذين يرون في ذلك المفتي الشرعي للخراب ونائبه الذي يتحدث باسم الدين والسنة النبوية الشريفة ويدعو إلى ما دعا إليه؟!. لماذا يحضر الكثير من رجال الدين والفقهاء والمشائخ في قضايا بسيطة ويغيبون في قضايا كبيرة بهذا الحجم الذي يفترض أن يهبوا جميعاً من أجل الصدق والعدل لا من أجل السياسة، ليقول الجميع قولهم في مواجهة أناسٍ وضعوا أنفسهم ووضعهم أصحابهم على كراسي الفتاوى فافتوا بالغي والضلال جهاراً ونهاراً دون حياءً من الله ولا من الناس.. أين هم أولئك الذين يفتشون بين السطور عن الكلمات المتشابهة ليسقطوا الأخطاء في الأقوال والكتابات؟، أين هم ممن يسمون أنفسهم بمشائخ الانفصال الذين يضلون الناس ويشرعون لهم أعمال الفوضى والخراب، وكله تحت مظلة القرآن والسنة، أم أنهم لا يسمعون ولا يريدون أن يسمعوا طالما شمع السياسة وعجينها يغلق المسامع؟.