ليس أسوأ من أن تدهس سيارة راجلاً إلا فرار السائق وترك ضحيته يرقص مذبوحاً بالوجع والنزيف. الفرار يمثل قمة الجريمة وذروة النذالة، وبالتالي فإن مثل هذا السائق يستحق عند القبض عليه أشد العقاب لأنه يرتكب جريمتين في وقت واحد.. أما الطامة الساحقة الماحقة فهي ألا يقوم آخر بإسعاف المصاب خوفاً من السين والجيم والتعطيل والتهمة.. وهنا أسجل اعتراضاً على الطريقة التي يتم بها معاملة من يقوم بإسعاف مصاب من قارعة الطريق كما هو حال حكايات كثيرة يكره من قام بالإسعاف نفسه وهو في الطوارئ بين يدي مندوبي البحث والأمن، حيث يتحول إلى متهم عليه أن يثبت براءته من دم الشخص الذي قام بإسعافه. أتخيل حال مصاب صدمه سائق ثم هرب فأسعفه فاعل خير سرعان ما تحول إلى متهم.. هو مشهد يبدو كما لو أنه من تأليف وليم شكسبير حيث اجتماع المأساة والملهاة.. وحتى لا نعيش خارج ديننا وأخلاقنا وإنسانيتنا لابد أن نتحمل إسعاف من نصدمه وتبعات علاجه ولا يجب أن يتحول من يقوم بإسعاف مصاب إلى متهم وإنما فاعل خير يتم الاكتفاء بأخذ عنوانه ورقم بطاقته الشخصية. ليس من المسؤولية الجماعية والاعتبار الأخلاقي والإنساني أن ينزف شخص؛ لأن الآخرين يخافون عواقب إسعافه.. وإلا صار على كل من يشاهد مصاباً أن يتركه حتى يموت، حيث يصبح درء الضرر مقدماً على جلب أجر الإسعاف.. وهذا ما يحتاج إلى وقفة تعيد للناس شجاعة إنقاذ ضحايا الطريق.