ليس من الحكمة الإصرار على الفكر المنحرف الذي يثير الفتنة ويقلق السكينة العامة, وليس من شيم اليمنيين مساندة مشعلي الحرائق وتجار الحروب, ولا من قيم اليمنيين وأخلاقياتهم الوقوف إلى جانب دعاة العنصرية والإرهاب والتمرد, وقد قدم لنا التاريخ السياسي القديم والمعاصر لحياة اليمنيين نماذج مستنيرة رفضت التحيّز إلى عنصر معين دون الآخرين, بل إن التاريخ السياسي للحضارات اليمنية أثبت أن دعاة السلالية والمناطقية والقروية والفئوية, لايمكن أن تجد لها مكاناً في حياة اليمنيين, وقد شكل ظهور مثل هذه الدعوات العنصرية استثناءً ممقوتاً ومنبوذاً رفضه اليمنيون في مختلف مراحل حياتهم السياسية. إن الدعوات النشاز التي تظهر بين الحين والآخر لاتنطلق من منبت طيب أصيل على الإطلاق, وإنما من شواذ المجتمع الذين يشعرون بحالة النقص وعدم اكتمال الشخصية لديهم فيسعون لمثل هذه الدعوات المشبوهة ليشدّوا أنظار الناس إليهم, ويتحول أمرهم من حالة قبولهم في المجتمع إلى رفض دعواتهم ورفضهم, لأن الأرض اليمنية طاهرة لاتقبل إلا الطهر والنقاء وتلفظ الخبث والرجس والنجس كالبحر. نعم إن اليمن بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية محب للسلام, مؤيد للحرية الفطرية, ساع إلى العدالة, رافض للفتنة نابذ لتجار الحروب, الذين يعيشون على القلاقل والفتن ويعدونها مصدر رزق لهم والعياذ بالله من شرورهم وحقدهم على الوطن وخبراته, وأمنه واستقراره وسلامة وحدته, ولذلك كله مهما ظهر من الفتن في بلاد اليمن فإن النصر دائماً حليف الخير من دعاة الاعتدال والوسطية, الذين يريدون للناس كافة الخير والسعادة والمحبة والوئام والتقدم والازدهار. ولئن كان البعض مازال حاقداً على اليمن الأرض والإنسان والدولة فإن ذلك من سوء أصله وضآلة تفكيره, وعدم قدرته على التعايش مع الآخرين بسلام ومحبة وصفاء, ولن يدوم مكره وكيده على الإطلاق ومآله الزوال والفناء والبقاء دائماً للخير والصلاح, فهل يدرك الذين مازالوا في غرفهم المظلمة أن خارج جدران تلك الغرف نور يضيء دروب المحبة والتسامح؟ فتعالوا نبني ونعمر الأرض بما يرضي الخالق جل وعلا وذلك هو هدفنا بإذن الله.