(ليس منا من دعا إلى عصبية) حديث شريف، لقد أثبتت الأحداث التاريخية عبر مختلف مراحل التطور السياسي لليمن أن الدعوات العنصرية لا يمكن أن تحقق نجاحاً مقبولاً على الإطلاق بقدر ما تخلق الصراعات والفتن وتسعى إلى تقويض المجتمعات، بل وتؤدي إلى انهيار الدول وتشتيت الجموع وتفريق الصفوف وتعرض الأوطان للخطر الخارجي وتخلق الثورات وتزيد الثأر اشتعالاً. ذلك ما استفدناه من تجارب التاريخ القديم والمعاصر، والأكثر من ذلك كله هو أن الدعوات العنصرية والسلالية والفئوية والمذهبية والطائفية والمناطقية والقروية لا يمكن أن توجد قوة اجتماعية متماسكة قادرة على الصمود أمام القوى الأخرى، وبالتالي أية دعوة من هذا النوع عادة ما تحمل بذور فنائها مع مرحلة ولادتها المشوهة وتخلق تكتلات عدائية لمواجهة هذه النزعة غير الإئتلافية والتي لا تقبل التعايش مع الآخر. ولئن كانت ساحتنا اليمنية قد شهدت دعوات عنصرية من هذا النوع؛ فإن المجتمع اليمني قد شكل اصطفافاً وطنيا قوياً لمواجهة تلك الدعاوى أو الادعاءات الشيطانية، وبنى سوراً فولاذياً غير قابل للاختراق أو التصدع، على اعتبار أن أي تصدع في هذا الجدار يعد تهديداً جسيماً لوجود المجتمع وسكينته العامة. وهي من وجهة نظري نظرية علمية على المجتمعات التي قد تظهر فيها مثل هذه الدعوات أن تستفيد منها لحماية بقائها واستمرار ديمومتها. وهنا يظهر التأكيد المنطقي والموضوعي الذي يفيد أن اليمن أرض طيبة لا تقبل إلا طيباً، وترفض الخبيث ولا تقبل بوجوده أو استمراره. وبناء عليه، ألا يدرك أولئك الذين يحاولون اختراق جدار الوحدة الوطنية أن الوطن لهم بالمرصاد، وأن مآلهم الفشل والسقوط في مزبلة التاريخ؟!. ثم ألا يدرك أولئك المغرر بهم أن الوطن أعظم من المؤامرات وأقوى من الدعوات العنصرية، ولماذا لا يعود المغرر بهم إلى جادة الصواب؟!. إن الوطن يتسع للجميع، فتعالوا نبني ونعمر بدلاً من سعيكم لهد الوطن وتخريبه، لأن في ذلك النافع المفيد للجميع دون استثناء.