يظل هاجس الخوف من المستقبل ينازع الغيورين على الأجيال، لأن منطلقه الشعور بأمانة المسئولية بعيداً عن التفكير الفوضوي الذي لايعرف غيره أولئك الموبوءون بمرض الانانية وحب الذات الذين اتخذوا شعارهم في الحياة : "أنا ومن بعدي الطوفان". وهنا نجد المفارقة التي تصل حد المبالغة بين الفريقين، حيث تجد الغيورين النبلاء شديدي الحرص على استيعاب الآخر والاستماع إلى ما لديه مهما تناقض مع وجهة نظره، أما أولئك الساديون الفوضويون فلايرون إلا أنفسهم على بقعة الأرض التي يتحركون عليها، أما ما دون ذلك من أبناء الوطن اليمني الكبير فليسوا أكثر من أدوات تنفذ رغبات أولئك الذين يدّعون الوصاية عليهم وبالقوة، نعم ذلك ما شهده المواطنون سواءً في بعض مديريات المحافظات الجنوبية من ممارسات أولئك الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على أحرار اليمن الوحدويين تنفيذاً لرغبة القوى الاستعمارية القديمة التي تربى عليها هؤلاء المصابون بداء الهوس ووهم الماضي الذي زلزل أركانه أحرار اليمن الواحد. إن الغيورين على وطن الثاني والعشرين من مايو1990م أكبر من كل التحديات والترهات التي يرددها المصابون بداء خدمة الاعداء لأنهم استمدوا إرادتهم من إرادة الخالق جل وعلا، الذي أمر بالاعتصام بحبله، ولأنهم كذلك فإن من خلفهم جماهير الشعب التي عشقت الحرية ورفضت الاستعباد وناضلت من أجل الثورة والجمهورية والوحدة. ولذلك كله فإن الغيورين على الوطن هم الصوت الوطني الأعلى، أما بائعو الضمير وخدام أعداء الوطن فلا مكان لهم في وطن الثاني والعشرين من مايو 1990م مهما مارسوا من زيف، وعليهم ان يدركوا بأن حبل الكذب قصير لأن الشعب الذي عشق الحرية والوحدة وقاتل من أجلهما سيكشف ادعاءاتهم ولن يقبل إلا بمن يقدّس الوحدة ويصون الحرية والديمقراطية ويحترم إرادة الشعب ويذود عن السيادة الوطنية ويعظّم من شأن الثوابت الوطنية ويفرض هيبة الدستور والقانون ويعزز روح المحبة والإخاء، ويرفض العنصرية والمناطقية والسلالية والمذهبية والقروية. ولئن كانت عناصر الشر المأجورة قد حاولت شق الصف الوطني وتمزيق الوطن فإن الغيورين الشرفاء والنبلاء أقوى من كيد الشر وأعوانه لأنهم أصحاب مشروع حضاري انساني، ولذلك فإن القوة والتمكين هي لهم اما أصحاب المشاريع الصغيرة فإن مصيرهم الفشل الذريع بإذن الله.