هل الحداثة والتحديث إشكالية أم أزمة مفتعلة في القصيدة العربية ؟ أعتقد أنها إشكالية، وهي في ذات الوقت أزمة، وأفترض أن الأزمة لصيقة الحل، والمأزوم هو القادر على أن يبحث عن الحلول، وتكمن أزمة الحداثة في كل أوجه الحياة العربية، وليس في الشعر فقط، فنحن العرب مشدودون إلى الماضي بخيوط حريرية، حيث أننا في حالة اشتباك غير حميم مع ماضينا الخاص، الأمر الذي يفضي إلى اشتباك مواز مع الآخر الإنساني، فيما نجد ظلاله السالبة كثيراً في النماذج والأدبيات السائدة في العالم العربي. وعطفاً على الحداثة كثر الجدل حول ماهية الشعر والشعرية، وما الفرق بين الشعر والنثر، حتى أن الذين استغرقوا في هذا الجدل نسوا أو تناسوا أن موسيقى الكلام لا تكمن في التفعيلة فحسب، بل أيضاً في الحرف والمفردة، والشاهد أن كلام البشرية ليس سوى خوارزميات صوتية تناوبية مموسقة، ولا مفر من تراتب الحركة والسكون أثناء الكلام، وهو ما ينعكس على الكتابة ويمنحها ميزانها الصوتي والجمالي. المشكلة إذاً ليست في موسيقى الشعر والكلام بعامة ولكن في قراءة الشعر قياساً بالكلام، فالشعر ليس مجرد كلام موزون مُقفّى، لكنه إبحار في سديم المعاني، وتحولات الألفاظ والفراغات والإشارات. الشعر يستدعي كلام ما قبل الكلام، والصورة العابرة كالطيف، وومضة الفكرة النابعة من الوجدان والوسط المحيط . أعتقد أن حداثة الشعر تتلوها ما بعديات، تماماً كما كان هو قبل ما قبله ،وهكذا أرى أن الحداثة لازمة زمانية مكانية لا حد لها ولا حدود. الأزمة ليست في الحداثة بل فينا نحن. [email protected]