عمل الخير من طبيعة الإنسان المؤمن بالله ورسوله الذي يجد سعادته وهناءه في تقديم عمل الخير سواء كان هذا الخير مالاً كالصدقة والإطعام وسقاية الماء وسداد الديون، أم سائر المصالح التي يحتاجها الناس كالإصلاح بينهم ومساعدة المحتاج وإكرام الأهل والأقارب والجيران وعيادة المريض ومواساة الحزين بل إن الأمر ليمتد حتى الرفق بالحيوان والنبات وكل عمل خير يفعله الإنسان يسمو بروحه ويطهر نفسه ويرفع درجاته عند الله سبحانه وتعالى كما يرفع مكانته بين الناس دون أن ينتظر منهم أجراً لأنه ينتظر الأجر والثواب من الله وحده. والمجتمع الذي يمارس أفراده فعل الخير هو مجتمع تغمره السعادة ويعيش في ظلال المودة والإخاء والنعيم الدائم المقيم. وفي العشر الوسطى من هذا الشهر الكريم - إخواني الصائمين والصائمات - يطول الحديث عن أوجه فعل الخير، ويبدأ الكثير في التفكير والتحرك في أعمال البر والصدقات وبذل كل جهد لمساعدة الآخرين، هذه المظاهر، دون شك، هي جزء من الثقافة الرمضانية التي نعيشها نحن المسلمين، فلرمضان بهجة وحضور غير أية بهجة وحضور في باقي شهور السنة، على أني اسأل هنا هل فعل الخير يقتصر على شهر رمضان فقط؟ وسؤالي هذا نابع من حوار مطول أعيشه وأسمعه دائماً حول “ثقافة فعل الخير” وهل هو سلوك يتعلمه الإنسان أم انه جزء من فطرته، آخر ما سمعت هو أن من يفعل الخير يولد هكذا محباً للإنسان الآخر وتتشكل لديه الرغبة لمساعدة الآخرين منذ نعومة أظفاره، والمسألة هنا ليست مرتبطة بالقدرة المالية أو الجسدية لكنها مرتبطة “بالمقدرة على فعل الخير” وهي مقدرة نفسية بالدرجة الأولى لأن المقدرة هي جزء من الحالة النفسية لفاعل الخير قال تعالى “ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون» وقال تعالى :«لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس» وعن ابن عمر أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً «في مسجد المدينة» ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام.. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه». ومن ثمرات عمل الخير أيها الإخوة في هذا الشهر المبارك صرف البلاء وسوء القضاء في الدنيا. عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" «من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج ، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني ، فنزل البئر فملأ خفه ماء، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يارسول الله وإن لنا في البهائم لأجراً ؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر”. عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخذه، فشكر الله له فغفر له». واليوم كثرت المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تنشأ لعمل الخير ومساعدة المحتاجين إلا أننا نلحظ أن بعض تلك الجمعيات لا تقوم بواجبها كما هو مطلوب منها ،إلا انه وفي نفس الوقت نجد هناك مؤسسات وجمعيات تقوم باستهداف أكثر الأسر فقراً في محافظات الجمهورية ،منها مؤسسة الصالح التنموية الخيرية حيث تضرب لنا اليوم بمشاريعها الرمضانية أروع أمثلة البذل والعطاء لخدمة المجتمع اليمني وما مشروع رمضان العطاء الذي تتبناه هذه المؤسسة بكافة مراحلها في هذا الشهر الكريم إلا دليل على هدفها الخيري النبيل تجاه الفئة الأغلب ضعفاً من أبناء الوطن تجسيداً للتكافل الاجتماعي وهي كأية مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني تعتمد في تسيير وتنفيذ برامجها الخيرية على التبرعات من المنظمات والهيئات المانحة وفاعلي الخير، بل ان مايزيد تفاعل الخيرين من الداعمين والمتبرعين مع المؤسسة هو إيمانهم بأن هذه المؤسسة هي لأبناء اليمن كافة تستهدف المحتاجين بكافة شرائحهم دون استثناء أو تميز وهو مايجعلها محل قبول ورضاء وتفاعل الجميع، أضف إلى ذلك ماينتهجونه من آلية عمل شفافة وواضحة وصادقة دون أي لبس ومثلها ستظل محط تقدير الجميع وما نتمناه من الآخرين الاقتداء بها والابتعاد عن استغلال أعمال الخير لأهداف غير طلب الأجر والثواب. أمنيتي مجدداً أن تنتهز بقية الجمعيات والمؤسسات الخيرية ما تبقى من أيام هذا الشهر الفضيل وتستهدف أكثر شرائح المجتمع فقراً دون أي تمييز. [email protected]