لايمكن للإنسان السوي الفطرة والفكر والثقافة أن يحصر مهمة وجوده في الحياة على الفوضى والعنف ,ويتخلى عن كل المهام التي من أجلها خلق الإنسان, وجعل خليفة الأرض ,ولن تكون الخلافة المقصودة في السياق القرآني متضمنة بأية صورة من الصور هذا العنف الذي يمارسه البعض تحت مظلة التدين في فهم خاطئ منهم لمعاني القرآن الكريم ,وتتعاظم فداحة الخطأ لتصل إلى ما وصلت إليه في العنف الحاصل في الوقت الراهن الذي يستهدف كل مظاهر الحياة الآمنة المستقرة التي لاينطبق عليها بأي حال من الأحوال وصف المواجهة الحتمية التي لاتكون إلا لصد العدوان والدفاع عن الدين والنفس والأرض. تديّن الجهلاء يعد مشكلة انجبت كل المفاهيم الخاطئة التي فتحت أبواب الشر والعنف وظن أهلها أنهم على الحق المبين في ما يفعلون.. ترك أولئك الناس مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم المشروعة واتجهوا نحو العنف عن جهل وعن فهم خاطئ لمقاصد الشريعة الإسلامية فأضروا بحياة الناس ومصالحهم في أوطانهم فقتلوا من قتلوا من المسلمين الأبرياء وجرحوا من جرحوا منهم ودفعت الأمة من مقدراتها وخسرت الكثير في مواجهة هذا العنف القادم من غابات الجهل والجهالة والمدعوم من قبل أعداء الأمة , والمضحك المبكي هو أن ينبري أحد الذين يقاتلون شعوبهم وأمتهم متحدثاً عن أعداء الأمة واعداء الإسلام والمسلمين الذين يريدون اضعاف أمة الإسلام ويتوعدهم بالويل والهلاك والحرب التي لا هوادة فيها , وما إن ينتهي من حديثه حتى يذهب ليقتل مسلماً أو يضرب مشروعاً تنموياً فيه فائدة للناس , فكيف نجمع بين أقوال هؤلاء وأولئك وأفعالهم؟ كلما قتلوا مسلماً أو بريئاً في الأرض أطلوا باعترافاتهم بالمسئولية عن الحادث وتحدثوا عن نجاح لعملياتهم الإجرامية التي يسمونها (مباركة) وخلطوا في أحاديثهم آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في حين نجد من بين الضحايا من يحفظ كتاب الله وأحاديث نبيه عليه الصلاة والسلام، فلماذا يقتل هؤلاء الناس؟ هل يظن القتلة بأنهم سيسقطون واشنطن أو غيرها من عواصم الغرب الذين يدعون معاداتهم من خلال قتل الجنود في أبين وفي أماكن أخرى؟ وهل خلافة الأرض تكون بقتل الأبرياء من المسلمين وضرب مصالحهم وما يخدمهم من مؤسسات ومنشآت؟ حكايات لاتستقيم على حال ولايمكن أن تقنع الناس بأن مايحدث له علاقة بالإسلام ,وبالله وبرسوله.. أحسب أن الناس بمختلف شرائحهم وتكويناتهم الاجتماعية يدركون الحقيقة ويتساءلون نفس هذه التساؤلات وأكثر منها وكلها تصب في قوالب الفهم الصحيح بأن هؤلاء الذين ينتهجون سبل العنف ضد المسلمين في بلدانهم ليسوا كما يدعون ,ولا أهدافهم كما يريدون عرضها وتسويقها وإظهارها بأحسن صورة وقد باتت فيها المساوىء والعيوب ,واتضحت الأخطاء والخطايا ولا مجال لتغطيتها وسترها عن العيون والعقول.. بقى أن نقول وطالما الأمر كذلك وبعد أن اتضحت كل هذه الحقائق والشواهد فما على الجميع سوى العمل على توضيح ذلك لمن لم يتضح له بعد فالخطر لن يستثني أحداً والبلد بلد الجميع والأمن أمن الجميع وجهد الجميع مطلوب.