لماذا يدخل أناس كثيرون النار؛ بعد أن عرفوا الحلال والحرام؟!. لقد قال الله عزّ وجل في محكم كتابه: (إن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)!!. ولا ينفع ندم أهل النار (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير، فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير)، (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا، قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء)، (رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت). ولا يدخل النار إلا من جاءته الآيات والنذر فكفر بها، أو أنه أسلم ولم يعمل بحق الإسلام، وويل للظالمين من عذاب السعير. أما الذين لم تصلهم دعوة الإسلام فلا يستحقّون النار، وحكمهم في الآخرة حكم البهائم، يقتص الله للمظلوم منهم من الظالمين، فيرجع تراباً. إذا عرف المسلم ربه وأسلم وجهه لله؛ فإنه يستحق حياة سعيدة، في الدنيا والآخرة. ومعرفة الله تقتضي أن يعرف المسلم حقوق عباده؛ فلا يظلم أحداً من عباد الله، ويؤدي الأمانات إلى أهلها. أما إذا جاء ربه وقد ظلم هذا، ونهب حق هذا، وسب هذا، وضرب ذاك، واستكبر على خلق الله؛ فبشّره بعذاب أليم. إن الله لا يظلم الناس مثقال ذرّة، ولا يدخل النار إلا من عصاه وكفر بشرعه، والكفر بالشريعة هو أن يعلم الإنسان الحلال والحرام، فيدع الحلال ويرتكب الحرام، والمسألة قبل وبعد توفيق من الله. وعلى الإنسان أن يعلم يقيناً أنه إذا عرف ما له وما عليه ولم يعمل وفق شرع الله فإنه مخذول، وأنه صائر إلى عذاب الله وبئس المصير. إن من الخذلان أن يتكبر الإنسان على الله، والكبر على الله معناه أن يخالف المسلم أوامر ربه، وأن يأكل حقوق الناس باطلاً وقاصداً، وأن يغالط الضعفاء والمساكين، وأن ينهب المال العام ويأكل الحرام. من لم تنهه صلاته فلا صلاة له، ومن لم ينهه رمضان فلا صيام له، ولا حول ولا قوة إلا بالله.