خابت مساعي الإدارة الأمريكية في تحقيق أي تقدم يُذكر على خط التسوية وتدوير مفاوضات منطقية بين اسرائيل والفلسطينيين، وكعادتها أعادت اسرائيل تدوير اسطوانتها المعروفة والمألوفة، وهي ذات الاسطوانة التي تتكرر على قاعدة ترسيخ الاحتلال وشرْعنة التمدد على الأرض. ومن المحزن حقاً أن لدى اسرئيل دوماً أوراقاً جديدة تلعب بها، فيما لايزال العرب والفسلطينيون قابعين في المربع السحري للغنائية السياسية الفارغة، وحتى نكون على يقين من هذا الاستنتاج لا بأس من استعراض فلسفة التفريغ المنهجي للمناطق المحتلة من خلال بناء المستعمرات، والتي ترافق معها على مدى السنوات الماضية التوسع في القدس الكبرى، والرهان على تحويل الاحتلال إلى إحلال، يتم من خلاله طرد العرب مقابل تسكين وتوطين اليهود!!. المطلب اليهودي السياسي الخاص الذي يعتقد البعض أنه وليد الساعة ليس كذلك حقيقةً، فالحديث عن دولة للشعب اليهودي يذكّرنا بالمقولة الصهيونية القديمة القائلة: “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” والمقصود هنا هو أن فلسطين قبل النكبة كانت خالية من العرب، وأن الشعب الذي يفترض أن يكون هناك استناداً إلى الوعود التوراتية هو “الشعب اليهودي”. وأرجو أن تلاحظوا هنا استخدام مصطلح “الشعب اليهودي” المفارق تماماً لمألوف التوصيف الإنساني لماهية الشعوب والأوطان، فاليهود كانوا ومازالوا يعتبرون أنفسهم شعباً امتلك هذه المثابة بدينه فقط، وبالمقابل لا يرون أن شعوب العالم الأخرى مُشابهة لهم، ذلك أنهم “شعب الله المختار” والآخرين من الأغيار الضالين!!. لا تؤمن دولة الكيان بالقانون الدولي ونواميسه، بل تراهن على القانون الدولي في بُعده المتعلق بالأعراف، فالساكن أكثر من عقد من الزمان في منطقة آمنة يتمكن من شرعنة وجوده، تماماً كما حدث في غير مكان من عالم الاستباحات والاحتلالات السافرة، وتماماً كما كان يفعل غزاة القارات الأربع المُدججون بالسلاح والرايات الدينية. القارة الأمريكية واستراليا ونيوزيلاندا خير شاهد على فكرة الإحلال الشامل الذي يؤول إلى توطين على حساب السكان الأصليين. [email protected]