الخميس المنصرم احتفل شعبنا اليمني بالعيد ال47 لثورة ال14 من أكتوبر المجيدة التي انطلقت من جبال ردفان الشماء بمحافظة لحج كامتداد طبيعي لثورة ال26 من سبتمبر الخالدة لتحرير الجزء الجنوبي والشرقي من الوطن الحبيب الذي كان يرزح تحت حكم الاستعمار البريطاني وركائزه من السلاطين تنفيذاً للهدف الأول من أهدافها الستة العظيمة والذي نص على: (التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات).. وكنا في سبتمبر الماضي قد احتفلنا بالعيد ال48 لثورة ال26 من سبتمبر التي قضت على الحكم الإمامي الكهنوتي المتخلف الذي كان جاثماً على الجزء الشمالي والغربي من الوطن وحررت اليمنيين في هذا الجزء من الوطن من الثالوث الرهيب (الجهل الفقر المرض). فقد كان التعليم في العهد الإمامي متخلفاً في صورة (كتاتيب) لحفظ القرآن الكريم ولتعليم القراءة والكتابة واللغة العربية والقواعد البدائية للعمليات الحسابية بالإضافة إلى وجود عدد محدود من المدارس التي كانت تسمى (المدارس العلمية) في بعض المدن مثل (صنعاء وتعز والحديدة وحجة وذمار) والتي لم يكن يسمح لأبناء عامة الشعب الالتحاق فيها حيث اتسم العهد الإمامي الكهنوتي المباد بغياب الأهداف التربوية وإهمال التعليم ومحاربة الثقافة العصرية ومنع دخول الكتب الحديثة وتداولها. في العام الدراسي 63/ 1964م لم يتجاوز عدد المدارس في الجزء الشمالي والغربي من اليمن عن خمس وعشرين مدرسة منها ثماني عشرة مدرسة ابتدائية وأربع مدارس إعدادية وثلاث مدارس ثانوية فقط. وضعت حكومة الثورة في أولوياتها العمل على نشر التعليم الحديث باعتباره الوسيلة الوحيدة لبناء الإنسان وتحقيق التنمية الشاملة والتطور وبناء اليمن الجديد وليس مبالغاً القول إن التعليم بمعناه الشامل بدأ في العام 1962م متزامناً مع انطلاق ثورة ال26 من سبتمبر ونما نمواً مضطرداً عاماً بعد آخر ليصل إلى ما هو عليه اليوم بعد 47 عاماً من الثورة. ورغم التطور الهائل الذي شهده قطاع التعليم على مدى السنوات الماضية إلا أن هذا التطور شابه الكثير من الاختلالات جراء فيروس الفساد الذي تغلغل في هذا القطاع الحيوي الهام الذي في صلاحه صلاح المجتمع ككل.. فالتربية والتعليم بمفهومها الشامل تتجاوز عملية تكوين المعلومات وتنميتها فهي إلى جانب التأكيد على البعد السلوكي في إعداد أفراد المجتمع فهي ترتبط بالمعنى المتكامل للحياة بكافة أشكالها وصورها ومعانيها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياًُ وثقافياً وعلى هذا الأساس لمفهوم التربية والتعليم بالمعنى الشامل تتحدد الأهداف التربوية والتعليمية. على مدى السنوات الماضية لعبت التداخلات الحزبية والشخصية دوراً كبيراً في إفراغ التعليم من محتواه وتحويل مكاتب التربية والمدارس إلى أوكار للفساد فالتعيينات للموجهين ومديري التربية ومديري ومديرات المدارس لا تخضع لمعايير شغل الوظيفة العامة ومعايير الكفاءة والنزاهة وإنما أصبحت تخضع لمعايير الوساطة والمحسوبية مما جعل أي محاولة لإجراء التغيير أو حتى المناقلة لشاغلي هذه المناصب من الأمور المستحيلة وهو ما جعل الكثير من مديري ومديرات المدارس يديرون المدارس التي أسندت إليهم إدارتها بحسب أهوائهم وأمزجتهم وكأنها مدارس خاصة بهم ومقاطعات محظور الاقتراب منها. لا شك أن الحال الذي وصل إليه وضع التعليم بحاجة إلى عملية جراحية من قبل جراحين ماهرين قادرين على تحديد مكامن العلة فيستأصلونها ومكامن العلة (الإدارة المدرسية).. فإصلاح التعليم يبدأ من الإدارة المدرسية والإصلاح الشامل يبدأ من التربية والتعليم.. فهل آن الأوان لرد الاعتبار للتعليم؟. [email protected]