تعد القوانين عاملاً أساسياً في تنظيم حياة أي مجتمع، غير أنها إذا لم تكن مقرونة ومسندة بآليات وإجراءات صارمة لضمان تطبيقها تصبح بلا معنى وبلا فائدة، وتكاد تكون المشكلة الرئيسية التي نعاني منها في بلادنا هي مسألة عدم تطبيق القوانين، فلماذا لا يتم تطبيق القوانين؟ ولماذا إن طُبقت لا تدوم طويلاً؟ ولماذا الانتقائية في تطبيقها بحيث يكون البعض مطالبين بل ومجبرين على الانصياع للقانون بينما البعض الآخر يعتبرون أنفسهم وكأنهم فوق القانون وليسوا معنيين بالخضوع له ؟! هل الخلل في القوانين أم في القائمين على تطبيقها ؟! بالتأكيد الخلل ليس في القوانين، فهي تكاد تضاهي مثيلاتها في دول العالم هذا إن لم تكن الأفضل في القوة والهدف، إنما الخلل يكمن في الأشخاص الموكول إليهم مهمة تطبيق هذه القوانين وتنفيذها، فبعض هؤلاء لا يحرصون على تطبيقها ويتراجعون عند أول عقبة تعترض طريقهم نحو إعمال القانون خاصة إذا كانت ستؤثر على مصالحهم، كما أن بعض هؤلاء يكونون هم أنفسهم أول من يخرقونها ويتجاوزونها وكأنهم غير ملزمين بها وهو ما يجعل المواطن يفقد ثقته بأي صلاح في هذا الجانب، كيف لا وهو يرى ويلمس أن من أنيط به تطبيق القانون هو أول من يخرقه بل ويجيّره لمصالحه الشخصية، وفي ظل هذا الوضع الذي أفرزه عدم تفعيل سلطة القانون تولّدت القناعة لدى المواطن البسيط بعدم جدوى هذه القوانين لغياب الأثر المفترض من وجودها! قوانيننا للأسف لا نشعر بها إلا عندما يكون الطرف المذنب ضعيفاً أو يُراد بها الاستقواء على من لا حول له ولا قوة وهو المواطن العادي البسيط الذي لا سند له ولا حماية، أما ذوو المال والجاه والنفوذ فيبدو وكأنهم في حلٍ من الالتزام بأي قانون، بل ويعتبرون أنفسهم فوق القانون الذي لم يُسن في نظرهم إلا ليستخدمونه في استضعاف البسطاء من الناس. من البديهي معرفة أن المجتمعات الإنسانية وعلى مر التاريخ لم تعانق التطور والازدهار إلا في ظل توفر قوانين صارمة تنظم حياتها وتحميها من الفوضى وشريعة الغاب، ولنا في رسولنا الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم» أسوة حسنة وهو الذي قال أو فيما معناه «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، وفي هذا دلالة واضحة وتأكيد صريح على أن تطبيق القانون يجب أن يشمل الجميع مهما كانت مكانتهم الاجتماعية أو الاقتصادية ...الخ، وإلا فإن ذلك إيذاناً بالهلاك. خلاصة القول إنه بدون تطبيق القوانين فإن الفوضى هي البديل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتحدث عن ضرورة بناء دولة المؤسسات والقانون بينما نتجاهل كل القوانين المنظمة للحياة العامة بل ونضرب بها عرض الحائط، وكأنها أمور ثانوية وليست أساس بناء المجتمع وضمان استقراره. إننا بحاجة ماسة لتفعيل هذه القوانين وضمان ديمومتها وعدم التراخي والتساهل في تنفيذها تحت أي ظروف أو أي مبررات.. فهل نفعل ذلك؟! [email protected]