نعلم جميعاً أن الخطر القادم على السودان لايهدد السودان فقط, بل يهدد الوطن العربي كافة والأمة الإسلامية بشكل أعم؛ ذلك أن قضية التشطير والتقزيم غدت مرفوضة ولا تتناسب مع العصر فنحن في عصر التكتلات والاتحادات وعصر التوحد. والاستفتاء القادم في السودان وإن كان حقاً مكفولاً لكافة الأطراف وللشعب في السودان إلا أننا لايجب أن نغفل قضية مهمة, وهي الاستهداف الذي يتعرض له السودان من قوى خارجية لاتحب له الخير ولا الوحدة, بل تسعى لتمزيقه ودعم فكرة الانفصال وتشجيع الخلافات وتعظيمها, ما يجعلنا نشعر بالخوف والقلق من نتائج هذا الاستفتاء. وهنا علينا كشعب عربي واحد أن نسعى بكل الجهود وبكل الوسائل لمحاربة تقسيم السودان، لكن يطرح الواقع سؤالين يحتاجان إلى مزيد من الحذر وهما: هل ستكون نتيجة الاستفتاء معبرة بالفعل عن الإرادة الحقيقية للشعب السوداني؟. وإذا كانت الأحزاب التي تمثل الجنوب قد أجمعت على رغبة حقيقية وتوجه قوي نحو الانفصال فهل سيكون بالإمكان منع الانفصال؟. إذاً يجب أن يصل صوت العقل إلى الشعب نفسه؛ لكي يعي مصلحة الوطن أولاً التي يجب أن تعلو فوق صوت المصالح الفردية. ويجب أن توضع جميع الخلافات على طاولة الحوار والمناقشة، ويجب أن يسعى السودانيون أنفسهم لمنع الانفصال؛ لأن الفرقة شتات وضعف, وفي انقسام السودان بذرة سيئة لانقسامات قادمة تلوح في الأفق في الوطن العربي؛ لأن هناك من يغذي الخلافات بين الفرقاء في الدول العربية ويعمل على تأزيم الأوضاع في هذه الدول ليحقق أطماعه الاستعمارية ومصالحه الخاصة, وعلى الشعوب أن تدرك تلك المخططات, وألا تنساق خلف الدعوات والمخططات المشبوهة, وتتذكر قول الله عز وجل: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا} فالانفصال في السودان ليس حلاً مطلقاً, والحل يكمن في أن تكبر الأوطان فوق المصالح الفردية والأطماع الدنيئة, ونحن في اليمن حريصون على وحدة وسلامة السودان كحرصنا على وحدة وأمن بلادنا, وقد عبر الأخ الرئيس عن موقف اليمن في كلمته في القمة العربية, كما عبر عن موقف كل يمني أصيل, لذا ومن قلب اليمن يمن الوحدة والأمجاد أوجه نداءً لكل سوداني مخلص يحب وطنه, ألا يسمح بتمزيق السودان, وألا يشارك في تنفيذ مخططات الاستعمار بشكله الجديد, والتي لم تختلف سياسته عما سبق وهي سياسة “فرق تسد”.