أدهشني كلام أحد كبار رجال الأعمال السعوديين في مقابلة بإحدى القنوات الفضائية عندما قال إن في الدول الخليجية المعروفة بغناها الفاحش فقراء مدقعين وبأعداد لايصدقها من كان ولايزال يغبط مواطنيها عموماً في بحبوحتهم أو يقبل ولو فرضاً بأي كلام عن وجود فقراء فيها مثلهم مثل غيرهم في دول العالم الثالث.. وتذكرت ذلك الملياردير الأمريكي الذي عبر عن سعادته الغامرة وهو يوهب ثروته الطائلة بالكامل لمساعدة فقراء ومرضى العالم والذي سبقه أمريكيون أثرياء بدرجات متفاوتة في التبرع بمعظم ثرواتهم التي أيضاً تقدر بمئات الملايين من دون أن تحثهم أية جهة وإنما لأنهم يشاهدون المآسي البشرية في أنحاء كثيرة من الكرة الأرضية سيما أفريقيا.. وكأني بهذا الملياردير السعودي المعروف يقول لأثرياء العرب هيا بادروا إلى مثل مابادر به أغنياء أمريكا وأجلوا شراء النحوت الضخمة التي يصنعها لكم أحد المصانع الروسية ويكلف الواحد منها عشرات الملايين بصورة سرية وكشفتها مؤخراً إحدى الصحف الروسية وتبعتها قناة فضائية روسية أيضاً تتقفى تحركات الباحثين عن المتعة في الجزر السياحية والمدن الحمراء التي يتحدث عنها خطباء المساجد وامامهم في كل جمعة.. إن تذكير الأغنياء بواجبهم نحو الفقراء في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العالم وتنحصر حدتها على الفقراء ومن أولئك الذين كانوا يعرفون بالطبقة الوسطى ولم يستطيعوا المحافظة على وسطيتهم المادية والمعيشية حتى في الدول الغنية بمواردها الطبيعية كالبترول والغاز أو الصناعية التي تتنافس فيما بينها بغزو أسواق العالم بمنتجاتها وعلى رأسها الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والهند.. ففي الصين عدة ملايين من الفقراء والمهمشين في القرى النائية اللهم إلا القليل منهم الذين هاجروا إلى المدن الصناعية والإدارية وحصلوا على أعمال ووظائف عادت عليهم بعائدات بهرت غيرهم كما كان الحال عندما يعود المغترب اليمني من السعودية أو الكويت أو الإمارات العربية المتحدة في السبعينيات والثمانينيات أما المغتربون في أمريكا وبريطانيا وكندا فإن أغلبهم مازالوا يعملون في مهن صغيرة ووظائف لايقوم بها غيرهم من غير الأمريكيين ومن تقاعد منهم يحصل على راتب شهري لايقل عن ألف وخمسمائة إلى ألفين وخمسمائة دولار.. ويكون الواحد منهم قد أدخل إلى تلك البلاد عدداً من أبنائه وأورثهم بقالة أو مطعماً أو وظيفته التي كان يشغلها في مزرعة أو مصنع.. ففي اليمن اليوم فإن الدولة تواجه أعباء خطيرة كالتخريب لايزيحها إلا المال في إكمال المشاريع الحيوية وإيجاد فرص عمل كثيرة ورعاية اجتماعية وصحية وتعليم متقدم ومفيد وبإمكان أثرياء العرب الأقربين منا مساعدتنا على مواجهة كل التحديات.