يَهلُّ علينا عيد الأضحى ببركاته وبروحانيته الممتدة من قلوبنا إلى الأراضي المقدسة وإلى كل أصقاع الأرض لتبدو كل طقوسه قاسماً مشتركاً بين كل المسلمين في أنحاء الدنيا ، الحاجَ منهم والمقيم. وهي فرصة عيدية لتهذيب النفس ومثل للتضحية وشراكة في الاحتفال الروحي، وهي تجديد لآصرة القربى وصلة الرحم والابتهاج المشترك. وفي غمرة الفرح والبهجة التي لا تمنعها كثير من الظروف الاقتصادية ،التي تتحكم في أفراح الأفراد والأسر وفي القدرة على التواصل ،يتفيأ الجميع ظلال العيد الحانية التي تستوقف جميع الراكضين وراء ضرورات الحياة طوال عام من الكد والتعب. أما عدن فإن نصيبها مضاعف من هذه المناسبة، حيث تستعد من خلالها لمناسبة استثنائية لا تتكرر إلا في بضع سنين ألا وهي انعقاد الدورة ال 20 لكرة القدم الخليجية. واختصت عدن بهذا الشرف لاستضافة هذه البطولة الإقليمية التي تعد مناسبة رياضية وثقافية وسياحية وسياسية تضخ الدفء في عروق الأخوّة العربية وتدفعنا إلى التكامل والتعاضد، وتعزز وشائج القربى والمحبة سواء بين اليمنيين وبعضهم أو بين اليمنيين وإخوانهم من أبناء الخليج العربي. وهي تأخذ طابعها ونكهتها الخاصة والاستثنائية حين تنعقد في عدن لجملة من الأسباب في مقدمتها أنها أول دورة في اليمن وهو ما يضيف بُعداً جديداً ورافداً إضافياً لهذه الدورة، ويمنحنا شرف ومسؤولية النجاح والتميز. وهاهي عدن تستعيد في عيدي الأضحى وخليجي 20 حيويتها وانتعاشها الذي تتربص به فئة من الحاقدين والمعطِّلين لمصالح البلاد والعباد ، ممن لا يريدون الخير والاستقرار وممن لا يتقنون سوى صناعة الشر تحت كل الذرائع والأعذار والأقوال والشعارات. لكن عدن اليوم تبتهج فيلوح البؤس والأسى والحسرة على وجوه صانعي الخراب والشر ومن لف لفهم من الحاقدين على الوطن. وهاهي عدن تلبس حُلتها العيدية والخليجية وتزدهي على ملتقى البحرين: الأحمر والعربي لتكون موئلاً لالتقاء الطبيعة والتقاء الإنسان وموئلاً للمحبة والسلام ومحطة للقيم المدنية الأصيلة التي هي جزء من مكوناتها الحداثية. وتيرة العمل والتهيئة على قدم وساق لاستقبال حدث خليجي 20 بما يليق به من استعداد واحتفاء وشروط تخرج الحدث في حلة يمنية متميزة مصبوغة بنكهة الأصالة والعراقة والحضارة. وهاهي عدن ترد اعتبارنا أمام من يريد أن يشوّه صورة اليمن ويسيء إلى سمعتها خارج سياقها الحضاري وإرثها المدني والثقافي الذي هو ذخيرة الجزيرة العربية ومخزنها ورافدها الرئيس. إن ما أعُدّ لخليجي 20 يُعد كبيراً بكل المقاييس ويدل على حرص اليمن وجديته وتفاعله الإيجابي وانتمائه الأصيل إلى محيطه ، وهي آصرة متبادلة من القربى ومن المسؤولية وواحدية المصير التي تحتم على كل يمني غيور أن يدفع إلى نجاح هذه المناسبة وأن يتجاوز الصغائر إلى ما يليق بالحدث من المنجزات والتحولات الكبرى. ويظل الحساب البيني قائماً وعلى صلة في مواجهة السلبيات التي نتحمل مسؤولية تكريسها جميعاً كل بحسب دوره وإمكانياته، وهي شراكة لا تسمح بإلقاء التبعات على طرف واحد دون محاسبة الذات عما قدمته لهذا البلد ولا تشفع لأحد بالتنصل وممارسة السلبية والفرجة ،كل ذلك في سبيل إبراز صورة اليمن الحضارية التي تكونها - بحسب الأستاذ عبدالله غانم - أسر عريقة المحفد وقبائل كريمة الأصول ومدائن كانت حواضر الجزيرة العربية. فالمكون اليمني الحضاري والثقافي والإنساني والمدني ضارب في أعماق التاريخ وعصيّ على التشويه والتحريف وأعمق من أن تنال منه الرغبات المريضة وموجات الحقد الحضاري الذي يريد أن يطمس هويات وحضارات الشعوب وتاريخها ليضعها في مربع الفراغ والجاهلية. فلنكن جميعاً عناصر السيمفونية المتناغمة التي تعزفها عدن على أوتار المحبة والإخاء والسلام. [email protected]