لماذا يتعاطى بعضنا مع تظاهرة مدنية رياضية ك «خليجي 20 » بشيء من السلبية؟.. ولماذا نتعاطى معها وكأنها معركة عسكرية وأمنية وحزبية؟ بينما يفترض بهذه المناسبة أن تنقلنا من الخطاب المأزوم إلى خطاب المتعة والتسلية والراحة النفسية الجماعية..لماذا تصر الصحافة الحزبية المعارضة على تشويه وعسكرة الحياة والظواهر المدنية ؟ وتحويلها إلى ساحات حرب وهمية تعكر مزاج وصفو الجماهير الرياضية المهتمة والمتخصصة. إن مناسبة بحجم خليجي 20 يفترض فيها أن تكون مناسبة يستثمرها أي شعب استثماراً إيجابياً، اقتصادياً وسياحياً وقيمياً بل وسياسياً، ويحسن استغلالها لتحقيق مصالح وطنية داخلية وخارجية. فضلاً عما تحققه للشباب من ترفيه وترويح عن النفس وتكوين للاتجاهات المتعلقة بالتربية البدنية والتهذيب السلوكي والمحبة والإخاء والسلام الوطني والإقليمي والعالمي في مواجهة قيم التعصب والتطرف والانغلاق والعنف. خليجي 20 فسحة هامة لليمنيين جميعاً لمراجعة الذات ومحطة استراحة من اللهاث وراء الأفعال والسلوك المتوتر، سواء باتجاه كسب لقمة العيش اليومي أو باتجاه ملاحقة التوترات الفئوية أو العصبية أو القبلية أو المناطقية. إنها فرصة لكي نرد لعدن اعتبارها المدني ومكانتها الاقتصادية والسياحية وهي فرصة تجدد ثقتنا بأنفسنا وتبرز إبداعاتنا الوطنية وقدراتنا وطاقاتنا الكامنة. أما دورها في تعزيز أواصر الإخاء والتآلف والتواصل مع أشقائنا في الجزيرة العربية والخليج العربي، فغير خافٍ على أحد، خاصة والإقليم اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التعاضد والتكامل أمام التحديات الأمنية والاقتصادية والثقافية، وشباب المنطقة أيضاً يتعرضون لاستهداف شرس من قبل قوى الظلام والضلال التي تغرر بالشباب وتوقعهم في حبائلها وتسممهم بأفكارها المريضة والجاهلة. إن الانتصار للقيم المدنية لا يحتاج إلى سرد كل المبررات التي هي في غنى عن بذل مجهود للإقناع بها.. ذلك أنها ضرورة ومطلب ورغبة لكل منا. إننا نتغنى بالمجتمع المدني وبرغبتنا في بنائه لكننا في كثير من الأحيان نسلك سلوكاً غير مدني يتناقض مع دعاوانا بصورة صارخة.. لكننا اليوم أمام محك عملي ومناسباتي يستلزم اهتبال الفرصة لمراجعة مفاهيمنا المدنية وحاجاتنا المدنية الملحة. إن عدن وأبين ولحج وكل محيط عدن بحاجة أكثر من أي وقت مضى أن يصبح رافداً لأمن عدن ، ومدنيتها واقتصادها وازدهار الاستثمار والسياحة فيها وإثراء المجتمع المدني الحديث الذي كانت عدن موئله الأول في الجزيرة العربية. وتستحق عدن منا جميعاً سلطة ومعارضة وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني أن نحتفي بها وبعرسها الخليجي الكروي الجميل وأن نقدم من خلالها إبداعاتنا وتراثنا ورصيدنا الثقافي والحضاري وأن تصبح نموذجاً يجسد الوحدة والسلام الاجتماعي وأن تكون حاضنة للإخاء الوطني والعربي وتنمية وشائج القربى والمودة. وإذا كانت قد فرقتنا ديمقراطية السياسة فلتجمعنا ديمقراطية الرياضة التي تبدو قواعدها أكثر قابلية للتطبيق العادل. ويظل إكرام الضيف وتأمينه والاحتفاء به في مقدمة القيم المدنية والشيم القبلية التي يجدر بنا جميعاً أن نستنهضها وأن نستشعر حجم مسؤوليتنا الجماعية عن إدارة ونجاح هذا الحدث، بعيداً عن الرؤى الضيقة والسلبية والعدمية التي يتمثلها البعض بإصرار وترصَد تفقدهم قيم الانتماء والحب لليمن أرضاً وإنساناً ... ومن النوافل أن نقول لهؤلاء «على هذه الأرض ما يستحق الحياة». سلامات غالب: يرقد صاحب هذه الزاوية برعاية رئاسية في مستشفى العرضي وهو في حالة صحية حرجة، نسأل الله تعالى له الشفاء ،فلعباس في كل قلب رصيد من الود وذكريات من رقة المشاعر وحسن الزمالة ،ولقلمه في قلوب القراء نقوش تنضح بالصدق والمحبة،ولا نملك جميعاً إلا الدعاء له بالشفاء. [email protected]