جئت ياعيد بنفحاتك السعيدة، وعبير بهجتك، وسحب الرحمة تحت عباءتك الجديدة، والفرحة البريئة تكلل وجهك بكل معاني الحب والسلام..لقد جئت كما وعدت ولم تخلف وعدك .. رغم الأسوار التي تحجبنا عنك والحواجز التي تفصلك عنا وتقف في طريقك وأنت قادم إلينا والحدود التي تفصلك عنا.. لقد جئت ونحن لم نتهيأ بعد لقدومك، لم نُعِد أنفسنا لاستقبالك , فمازالت الوجوه شاحبة, والفرحة موؤدة , والأحلام مسروقة، وآمالنا مشنوقة. جئت ياعيد في موعدك .. لكن أحزابنا لم تكمل الحوار بعد والوطن يجاهد ليضمد جراحه والشعب ينعي حاله.. عدت وفي القلب مافيه من أحزان وفي النفوس مافيها من هموم، تسكننا إحباطاتنا وتؤلمنا جراحاتنا ,وتفرقنا أحزابنا بدلاً من أن تجمعنا.. تظللنا سحب قاتمة، تطاردنا أشباح الفقر , يصاحبنا اليأس أينما ولّينا وجوهنا.. عدت ياعيد ونحن - كما نحن - غارقين في الكراهية والعنف والاقصاء لبعضنا البعض وجامعاتنا ومدارسنا تنتج الجهل بشكل يومي. ورغم هذا كله.. فنحن نقول لك: أهلاً بك ياعيد، لقد فتحنا لك أبوابنا مرحبين وفتحنا قلوبنا لتتسلل فرحتك إليها، واحتفلنا بقدومك وعلقنا بالونات الزينة على الشرفات والأبواب.. ارتدينا ثيابك الجديدة وتوجهنا لأداء صلاتك.. تبادلنا التهاني وتصافحت أيدينا لكن قلوبنا لم تتصافح.. تعانقنا فسرت البرودة بدلاً من الدفء في أجسادنا، تزاورنا لكن بيوتنا كانت خربة ولم نعمرها بالمحبة والسلام.. عدت والمقابر في وطني أكثر من الحدائق، فدفعت بالأطفال إلى الشوارع يتشاكسون مع المارة وأصحاب السيارات فنسوا الحلوى والعيدية وماتت ضحكاتهم لتحل محلها الشتائم المتبادلة بينهم وبين المارة في الشارع وأصحاب البيوت المجاورة الذين حرمتهم الكرة المرتطمة في الشباك أوالألعاب النارية من الاستمتاع بأغصان القات المستحلبة في شفاههم.. وهاهو رحيلك قد حان فما علينا إلا أن نودعك وفي النفس بقايا من أصداء ساعاتك القليلة وشعائرك الجميلة وفرحتك التي لم تكتمل.. هانحن نودعك على أمل أن تعود العام القادم في الموعد نفسه وقد تهيأنا لاستقبالك، وأحزابنا السياسية قد سوّرت الوطن بالمحبة والسلام.. لقد قلنا لك أهلاً بك رغم أنف الأحزان والهموم والآلام والجراحات والاحباطات والانكسارات ورغم دموع الأطفال الذين باتوا بدون ملابسك الجديدة وبدون عيدية.. أهلاً بك رغم سارقي الابتسامات ومغتالي الأفراح وقاتلي الاحلام.. أهلاً بك رغم القبح المتغلغل في حياتنا.. وإلى أن نلقاك وقد كثر الصادعون بالحق المحبون للوطن والمواطن.. a [email protected]