مع حلول العيد تتجلى الفرحة مقبلة من وراء الستار الأسود القاتم خجلى بخطوات متثاقلة بطيئة مطأطأة الرأس على استحياء، ويعتمل في النفس شعور مختلط بين الفرح والحزن، بين القلق والراحة وكأنما أريد لفرحتنا هكذا أن تولد ناقصة وأن لا يكتمل شعور الفرح لدينا وأن يكون مقروناً دائماً بالخوف من المختبئ هناك في عباءة المستقبل المجهول الغامض.. لأن أعيادنا ارتبطت بأحداث غير سعيدة تنغص علينا كل فرحة نطلقها استقبالاً لقدوم عيد جديد فيصبح بالتالي عيد غير سعيد... في أعيادنا التي احترت في وصفها بالسعيدة أم التعيسة ذبح شعورنا بالأمان والسعادة, وكيف نفرح بعيدٍ ناقص عيد بنكهة الحزن وبلون الدم!! أصبحت كل ذكرى للعيد لا تذهب بعيداً إلا وقد علق بها حدث حزين ليشوه وجه الفرحة الذي لطالما افتقدناها ونفتقدها كثيراً.. جسد الأمة مليء بالجروح وما تبقي من أعضاءها مشلول ساكن منذ فترة طويلة من الزمن لا يقوى على الحركة، فلسطين الجرح الأعمق والأقدم والمتجدد الذي لا يندمل، العراق حاضرة الإسلام سابقاً حاضنة التفجيرات والخوف حالياً، سوريا جرح الكرامة والحرية النازف، اليمن دموع الثكالى على شهداءنا من ضحوا بدمائهم ليسقوا زهرة الحرية والعزة في بلادهم.. دموع الأطفال من فقدوا أبائهم واليد الحانية التي كانت تمسح على رؤوسهم وتأتي لهم بملابس العيد.. ولا ننسى أيضا مسلمي «بورما» يسلخون ويحرقون بالجملة... والكثير الكثير من الجروح والأحزان القائمة طويلة وأحزاننا كثيرة!! ورغم كل هذا ما زال اصرارنا على أن نمثل دور الفرحة بالعيد بتبادل التهاني التي رثا عليها الزمن وبات روح الإحساس بداخل كلماتها الخاوية من كل معنى رغم جمال اللفظ ميتاً ركيكاً مصطنعاً.. لأن روح المعنى أزهقت بفعل حادثة ما في زمنٍ ما... كلمات التهاني التي نتبادلها باهته عديمة الطعم واللون، كلمات ظاهرها الفرح وباطنها كلمات رثاء نرثى بها لحالنا الذي أصبحنا عليه.. أعتذر كثيراً إن كنت قد أفسدت عليكم أيها الأعزاء فرحة العيد حتى وأنا أعرف أن أي منكم يشعر بما اشعر به!! لكن رغم كل هذا نحن بحاجة لأن نفرح أن نصطنع الفرحة والابتسامة هو ذلك الفرح القادم من عمق الجراح, لا بأس ولكننا بحاجة لذلك لأن ننشر الأمل والفرح لمن حولنا فلعل الغد يخبئ لنا ما يسعدنا ويمطر قلوبنا فرحاً وابتهاجاً، سنرسم الفرحة على محيا الأطفال الأيتام التفاته إليهم ومبادرة منك إلى تعويض دور الأب الغائب عنهم قد تصنع فرقاً في عيدهم.. ودعوات صادقة من القلب أن يمُن الله على هذه الأمة بالأمن والسكينة والسلام وأن ينصر المستضعفين فيها.. وقليلاّ من العطاء والدعاء والأمل بقادم أفضل وكل عام وأمتنا بخير..