لا يأتي التجاوز للقوانين واللوائح إلا في غياب تفعيل هذه القوانين أو اللوائح وعندما يكون هناك تراضٍ وعدم الحزم في تنفيذ العقوبات المنصوص عليها ضد المخالف الذي تجاوز بتصرفه حدود الدستور والقانون , وهذه ظاهرة نلاحظها في مختلف تطور الحياة السياسية , فكلما كانت الحكومة صارمة في تنفيذ الدستور والقانون على الناس كافة ,كلما كانت أكثر قوة وأشد هيبة , والعكس صحيح. إن إهمال تنفيذ القواعد الدستورية والقانونية ضد المخالفين لها يدفع بالمخالف إلى التطاول على الدولة والتجاوز لمؤسساتها الدستورية والاستهانة بالمؤسسات الضبطية, ويخلق حالة من القلق الأمني , ويجعل من العناصر الشريرة أكثر ضراوة وفتكاً بالمجتمع وأمنه واستقراره , وقد تبدأ الأمور صغيرةً ثم تكبر وتصل إلى أعلى درجات التمرد على القواعد الدستورية والثوابت الوطنية , وقد يصل الأمر إلى تهديد كيان الدولة وإضعاف حكومتها , وجعلها محل ابتزاز عناصر التخريب والتدمير والإرهاب. إن تفعيل الدستور والقانون وإنفاذه على أرض الواقع هو الشرعية الدستورية التي صنعها الشعب ولايمكن أن يجد معارضةً أو تبرماً أو تعاطفاً مع الخارجين على الدستور, ولكن الظواهر السلبية والفاسدة في المجتمعات لاتظهر إلا في حالة عدم تفعيل الدستور والقانون أو التباطؤ في تنفيذ نصوصه, ويفترض في الجهات المعنية بتنفيذ الدستور والقانون أن تكون أكثر صرامة ولاتنظر للأمور السياسية مهما كانت؛ ما لم يصلها أمر كتابي بغير ذلك من صانع القرار , أما تأخُر الجهات الضبطية عن تطبيق الدستور والقانون تحت حجة المنظور السياسي فإن ذلك أمر بالغ الخطورة على الأمن والاستقرار لأن المفترض في القانوني أنه لايعرف غير الإجراءات الدستورية والقانونية ويقوم بإنفاذها ضد المخالف بغض النظر عن الهوية السياسية للمخالفين للدستور والقانون , بل إنه لايحق لرجال الضبط الأمني التساهل في إنفاذ القوانين تحت أية مبررات وفي حالة حدوث مثل ذلك ينبغي على الحكومة أن تتخذ ضد المتساهل أقصى درجات العقوبة. إن المشاكل التي نعاني منها في مجتمعنا اليمني ليست بسبب انعدام التشريع وعدم وجود النصوص الدستورية والقانونية على الإطلاق , ولكن المشكلة تكمن في عدم تفعيل تلك النصوص الدستورية والقانونية وترجمتها في الواقع العملي , ولذلك فإن الوقت لم يعد يقبل بمن يخلق المبررات التي تعيق تطبيق القواعد الدستورية والقانونية ضد المخالفين لها مهما كانوا. لابد من إنفاذ القواعد الدستورية والقانونية على أولئك المتخاذلين القائمين على الجهات الضبطية لنضمن السلامة للمجتمع , ولايمكن أن تختفي الظواهر السلبية ما لم نُفعّل الدستور والقانون , فهل تدرك الجهات المعنية حجم ذلك الخلل وتسعى لعلاجه.. نأمل ذلك بإذن الله.