بعد أن نجحت بلادنا بامتياز في تنظيم بطولة خليجي 20 وتقديم دورة متميزة ورائعة بشهادة الأشقاء وكل من تابع هذا الحدث الرياضي والكروي الرائع، أصبح أمامنا تحدٍ أكبر يتمثل في قدرتنا على إظهار اليمن دوماً بذلك المظهر البهيج المتوحد والمستقر والآمن, وبتلك الصورة الباهرة التي أثلجت صدور اليمنيين وجعلت كل من كان في ذهنه صورة مغايرة عن اليمن يعيد حساباته ويعترف أنه ظلم اليمن وقال عنها ما لم يقله مالك في الخمر. الكثير من اليمنيين يتحدث اليوم عن لحظة تاريخية ينبغي انتهازها واستغلالها الاستغلال الأمثل للقضاء على كل المظاهر السلبية التي كانت تقدم البلد في أسوأ صورة. وبالتالي نحن اليوم أمام امتحان جديد نكون فيه أو لا نكون اتساقاً مع تلك الصورة الجميلة التي رسمناها خلال بطولة خليجي عشرين, وكانت نموذجية بكل ما للكلمة من معنى من حالة الانضباط والهدوء والاستقرار والطمأنينة التي جعلت كل ضيوف الوطن يرفعون القبعات ويؤكدون أن النجاح الحقيقي هو ما حققته اليمن عبر هذه البطولة. ولذلك فإن حاجتنا اليوم هي لوجود إرادة حقيقية تعمل على التغلب على كل تلك المعوقات التي تحول دون تطبيق نظام وقانون يعيد للدولة هيبتها ويعيد للمشروع الوطني الكبير ألقه وعنفوانه في مواجهة كل المشاريع الصغيرة الفئوية والجهوية والشللية والعصبية والطائفية وفي مواجهة مشروع واخطبوط الفساد الذي يفتك بالوطن ويكاد يفتك بالدولة ويجهض كل منجزات النظام السياسي وتوجهاته لتجسيد دولة المؤسسات والنظام والقانون!!. وبعبارة أكثر وضوحاً فإن السؤال البريء والمشروع الذي يطرحه الناس هو: مادامت بطولة خليجي عشرين قد مرت بسلام ولم نسمع خلال فترة تنظيمها “طماشة” واحدة لا من الحراك ولا من القاعدة ولا من ناهبي الأراضي, فلماذا لا يكون مثل هذا الانضباط طوال الأيام والأعوام؟!. وحقيقة إن هذه رغبة مشتركة للشعب وللنظام السياسي, ولا يقف على النقيض منها سوى أولئك الفاسدين والمتنفذون والمستقوين بالسلاح وأيضاً أولئك الخارجين عن النظام والقانون ومن يمارسون الإرهاب بشتى صوره وألوانه. وعليه فإن المسؤولية والواجب الوطني اليوم يقتضيان أن يكون هناك عمل جاد وفاعل على عدة مسارات, بحيث تؤتي النتائج أكلها وثمارها. وهذه المسارات هي عبارة عن معادلة تقوم على أن الناس يرغبون في أن يكون هناك تصدٍ وردع لكل عمل خارج عن القانون يعكّر صفو الأمن والاستقرار ويحدث تصدعاً في جدار الوحدة الوطنية. وفي نفس الوقت أن تكون هناك حرب على كل مظاهر الفساد والاختلالات والنهب والهبر الذي يؤدي إلى الإضرار بالوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين, ويؤدي إلى حالة سخط وشعور بالغبن والظلم, ويغذي روح التفرقة وثقافة الحقد والكراهية. وإذا ما كان مثل هذا الطرح ليس بجديد وسبق تكراره وطرحه مراراً خلال الفترات الماضية, فإن الحقيقة الراسخة هي أن ليس هناك اليوم مجال للتراخي أو التقاعس أو التأخير, ولم يعد الوضع يحتمل مزيداً من الإهمال أو التباطؤ. ينبغي أن يكون هناك حسم وتسريع في كل الخطوات وخصوصاً ما يتعلق بمعالجة أي قصور أو اختلالات, وإعلان الحرب على الفساد دون هوادة كون ذلك هو السبيل والعلاج الناجع لكافة القضايا والمشكلات. [email protected]