كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد هدد قبل حوالي العام من الآن بأنه لن يبقى في منصبه ولن يرشح نفسه لرئاسة السلطة الفلسطينية في ظل مراوحة المفاوضات مع اسرائيل بوساطة أمريكية وضغط أوروبي، كان في نظر الفلسطينيين أنفسهم وخاصة النرويج أصدق من المواقف الأمريكية التي لولاها ماتفوقت اسرائيل عسكرياً على كل الدول العربية.. ولما رفضت القرارات الدولية وحتى بعض الزلّات الأمريكية التي تنتهي بمجرد الانتقادات الصهيونية ممثلة بلجنة العلاقات الأمريكية - الاسرائيلية المعروفة باسم(إيباك) كإشارة وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية هيلاري كلينتون قبل ستة أشهر إلى موضوع المصالح الأمريكية التي ربما تتعرض للخطر في الشرق الأوسط بسبب استمرار الدعم الأمريكي المطلق لاسرائيل, وعدم تفهم الاسرائيليين في الحكومة والكنيست لموقف البيت الأبيض وعلى رأسه الرئيس أوباما الضعيف أمام المجتمع الدولي وخاصة العرب والمسلمين لعدم قدرته على ممارسة أي ضغط على نتن ياهو لوقف الاستيطان في الضفة الغربية والحفريات تحت المسجد الأقصى وهدم المنازل ومصادرتها في القدس ورفع الحصار عن غزة.. فقد أعلن محمود عباس الأحد الماضي أنه سيلغي السلطة ويحل الحكومة التي لايستطيع بموجبها التحرك من مقره في رام الله إلا بموافقة الاسرائيليين وشروطهم وتحقيقاتهم عن الغرض من التحرك في مدن الضفة الغربية أو الخروج منها لزيارة دول عربية أو أجنبية, وفي حين صعدت حكومة نتن ياهو من وتيرة الاستيطان في فترة التجميد المعلنة وارتفعت الوحدات السكنية في القدس ومحيطها إلى الضعف في هذه الفترة, وقدرت المنازل الفلسطينية التي هدمت بالقوة والتي أخليت من سكانها تحت تهديد المستوطنين المسلحين بمرافقة الجيش والشرطة بمائة منزل, كما أن المسجد الأقصى آيل إلى السقوط نتيجة الحفريات الجارية تحته وبحسب اعتراف ضابط اسرائيلي الأسبوع الماضي.. لقد وجد محمود عباس نفسه بدون غطاء أمريكي يتحرك وفق الأجندة التي رسمها أوباما بأن يتحمل أكثر وبأن يثق بأن الولاياتالمتحدة عازمة على التوصل إلى حل الدولتين وإلى تجديد تجميد الاستيطان لثلاثة أشهر وإن كانت غير كافية للاتفاق على إطار جديد للمفاوضات لاتطول.. فالضمانات الأمريكية لاسرائيل من أجل الموافقة على إعطاء ثلاثة أشهر أخرى تمثلت فيما هو أهم من التعهدات المكتوبة وأثمن ألا وهي صفقة الطائرات إف 38 التي لاتكشفها الرادارات والبالغة قيمتها ستين مليار دولار غير مشروطة الدفع الآجل مما يعني أنها ستضاف إلى الهبات السابقة المماثلة التي ليس من ضمنها الدعم السنوي المقدر بثلاثة مليارات دولار نقداً وعيناً.. بيان أمريكي متوقع أعلن مسؤول أمريكي أن حكومة بلاده تخلت عن مطالبة اسرائيل بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية, ولكن خبراً آخر أفاد بأن المفاوضين الاسرائيليين والفلسطينيين سيتوجهون إلى واشنطن، ولم يذكر إن كانوا سيتفاوضون على ذات الصعيد تجميد الاستيطان أم لإبلاغ الفلسطينيين بوجود الاسرائيليين بقرار واشنطن التخلي عن الوساطة المبنية على تجميد الاستيطان، وأن عليهم أي الفلسطينيين أن يختاروا ماهو أمرّ من المر ألا وهي التنازلات التي على رأسها عدم المطالبة بوقف الاستيطان والمضي قدماً في بحث الأمور الأخرى التي لن تنتهي.. وسيعمل الاسرائيليون على تهويد القدس مائة بالمائة وتغيير ديمغرافية المدن الفلسطينية بالضفة كمدينة الخليل، بجلب المستوطنين وتسكينهم وتمكينهم من السيطرة على المياه والطرق والمساجد والكنائس حتى لايبقى شيء يفاوض عليه الفلسطينيون في المستقبل.. اعترافات بالدولة الفلسطينية اعترفت الأرجنتين بدولة فلسطينية بحدود 67م وكانت البرازيل قد اعترفت بهذه الدولة التي لانعلم متى سترى النور, وأما الاكوادور فقد سبقت هاتين الدولتين الواقعتين في أمريكا الجنوبية عن قناعة بأن اسرائيل ستواصل العمل على تثبيت احتلالها وطمس معالم فلسطين لفرض الأمر الواقع في أي مفاوضات قادمة, ومن المحتمل قيام دول أخرى في تلك القارة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل الدول العربية والإسلامية..؟