قلنا إن الوقت مازال مبكراً لمعرفة الدوافع والخلفيات التأسيسية لموقع ويكيليكس المثير للجدل، لكنني شخصياً لا أستبعد احتمالين متناقضين على طول الخط، والمبرر للاحتمال الأول، يمكن استقراؤه من خلال الاستبعاد الإجرائي لأي معلومات تتعلق مباشرة بالإرهاب الصهيوني، وإن كان التركيز على الإدارات الأمريكية يتضمن سياقاً كشفاً للكيان الصهيوني، أما فيما يتعلق بالاحتمال الثاني، فإن مبرراته تتلخّص فيما يلي: وجود دوائر نخبوية، سياسية، وفكرية، في الولاياتالمتحدة وأوروبا وكل العالم، لديها الاستعداد لكشف عيوب النظام الأمريكي، خاصة أن هنالك شعوراً متزايداً أن اليمين الأمريكي المُتصهين قد يقود العالم إلى كارثة، علماً أن بعض هؤلاء النخب والأفراد يتواجدون داخل مؤسسات الحكم والحكومات، ويشعرون أن قوى الشر أكثر دهاء ومكراً وقدرة على تدوير عوامل الأزمة. استنكار رئيس الوزراء الروسي بوتين لاعتقال مؤسس ويكيليكس يعبّر عن استشعار أن ويكيليكس ليس نابعاً من الدوائر السرية اليمينية المدمرة. استنكار رئيس جمهورية البرازيل لاعتقال مؤسس الموقع، يصب في مجرى الإجماع الأمريكي اللاتيني حول خطورة سياسة اليمين الأمريكي التي مازالت تسحب نفسها في إدارة أوباما الديمقراطية المغلوبة على أمرها، وبهذه المناسبة، لا بأس من الإشارة إلى اعتراف البرازيل والأرجنتين وكولومبيا بدولة فلسطينية على أراضي 1967، بالرغم من أن هذه الأنظمة ليست مجيرة على اليسار الأمريكي اللاتيني البوليفاري.. جدير بالذكر أن البرازيل والأرجنتين تمثلان أكبر عمق اقتصادي وديمغرافي في أمريكا اللاتينية، وهي أنظمة ديمقراطية وفق معايير اللبراليات العالمية. مما سبق، نعيد تأكيد القول إن سيناريو ويكيليكس مازال في بدايته، وإن هذا السيناريو يتصل بالصراع المحتدم بين الخير والشر في العالم، وإنه ليس قاصراً على المظلومين والمهمشين والمدمرين، بل يقبع في قلب المربعات التي يطمئن لها صانعو الأزمات والحروب. وأخيراً، وليس آخر؛ فإن ويكيليكس الافتراضي يتصل سياقاً بسيناريوهات اليمين الأمرو عالمي، أما ويكيليكس الواقعي، فإنه يتصل بصحوة لا يمثلها عناصر الموقع فقط، بل كل من يسهم في إثرائه بالمعلومات الحقيقية التي لطالما تم تغطيتها بأوراق السلوفان من قبل دوائر اليمين العالمي!. [email protected]