ليس من مستلزمات الديمقراطية عصيان الوطن والتنكر لخيراته ومقابلة النعيم بالجحيم، وليس من الديمقراطية الدفاع عن الشر واحتضان المتمردين والمخرّبين وقطّاع الطرق، وليس من الديمقراطية النكاية بالإرادة الشعبية والكيد والزيف، وليس من الديمقراطية الخروج عن الدستور والقانون، وليس من الحزبية التنصل من المسئولية. بل إن من مستلزمات الديمقراطية والتعددية الحزبية احترام الإرادة الكلية للشعب، وعدم الخروج عن الثوابت الوطنية، والالتزام المطلق بالدستور والقانون، والإصرار على القيام بالواجبات الدستورية والقانونية وعدم التفريط فيها. إن الإصرار على ممارسة النكاية بالشعب عمل مجرّم ولا يقبل به دين ولا عرف ولا يقرّه عاقل، وإن الرضوخ للإرادة الشعبية هو الأسلوب الذي يحقق الرضا والقبول ويجسّد الثقة المتبادلة بين الأحزاب والمواطنين. وقد بات إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في 27 أبريل 2011م مطلباً جماهيرياً، وهو حق دستوري للشعب؛ لا تتحكم فيه القوى السياسية ذات النزعة الشمولية التي لا تقبل بنتائج الممارسة الديمقراطية، ولا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة ولا تخطب ود الهيئة الناخبة. ولأن الانتخابات مصلحة جماهيرية؛ فإن السعي الجاد والعملي لإجرائها في الموعد المحدد بات من أعظم الواجبات التي ينبغي على الأحزاب والتنظيمات السياسية القيام بها دون تردد أو مكايدة أو مكابرة أو استهانة بالإرادة الكلية للشعب. إن التراجع عن الاستحقاقات الانتخابية عبر صناديق الاقتراع والعودة إلى الوفاق السياسي محاولة انقلابية على مفهوم الديمقراطية وتعدٍ على السيادة الكلية للشعب وانتقاص من قدرات وإمكانات الشعب، وفرض الأوصياء والمنتفعين، والنزول عند رغبات القلة التي لا تؤمن بالدستور والقانون؛ لأنها ترى أنها أعلى من الدستور وهي فوق القانون، وهذا الاعتقاد بات مرفوضاً جملة وتفصيلاً من الشعب الذي ثار على احتكار السلطة والاستعمار البريطاني الذي اعتمد سياسة التمزيق والتجزئة وانتصر لإرادته الحرة المستقلة في 22 مايو 1990م. إن مجرد التفكير في الوصول إلى السلطة بطرق غير دستورية وغير مشروعة دليل على إفلاس القوى التي تنتهج أسلوب الانقلاب على الديمقراطية وعدم قدرتها على التعاطي الإيجابي مع مخرجات العملية الانتخابية ومع المفاهيم الديمقراطية. ولذلك فإن القوى الفاشلة هي التي تتهيب الانخراط في المشاركة السياسية الواسعة، وتتنكر للهيئة الناخبة التي منحتها الشرعية، لأنها ارتكبت ممارسات عدوانية على الإرادة الكلية ووقفت ضد الشعب، وقد حان الوقت ليقول الشعب كلمته الفاصلة في فعل وطني ديمقراطي متميز بإذن الله.