هو ضروري فالطب فن وغطاء قانوني وأسعد بخبر دراسة هذا الموضوع في مجالس القرار في العالم العربي؛ لأن هذا سيكون له تأثير إيجابي في ثلاث نواحٍ: زيادة الإنتاجية وتدريب الأطباء وروح التجديد والابتكار. فعدد العمليات يرتفع والانفتاح على المريض تنفرج زاويته أكثر، ويبقى تدريب الأطباء بدون خوف من الاختلاطات التي تقع ولابد منها. وفي النهاية كل عمل جديد يحمل مقداراً من المخاطر حتى يتم السيطرة على قانونه. والتأمين الطبي ضد الأخطاء معمول به في معظم بلدان العالم لأهمية هذا الغطاء القانوني للعمل الطبي بسبب بسيط أن الأطباء ليسوا فوق الخطأ أو دون النقد بل هم عباد الله الذين يجري عليهم ما يجري على غيرهم. وأخوف ما يخافه الجراح هو الدخول في مضاعفات جراحية وهي قضية معروفة ومكتوبة في كل المصادر الجراحية ولكن لا يجليها لوقتها إلا هو، ثقلت على الجراح حينما تقع. فمثلاً أن يتقيح الجرح أو أن ينزف المريض أو يصاب باحتشاء قلبي أو خثرة دموية قاتلة في الرئة فهي أمور يعرفها الأطباء ويخافون منها، ولكن تأتي بغير موعد فتفاجىء على نحو غير سار للطبيب والمريض وأهله على الرغم من كل الاحتياطات. وأي طبيب أو جراح يقول عن نفسه ليس عنده اختلاطات هو واحد من اثنين: مدعي أو لا يعمل. ولا يوجد طبيب يفرح أو يرغب في حدوث مضاعفات معه ولكن لابد منها بسبب أو آخر. ويجب أن نفرق بين الإهمال وحدوث المضاعفات. فعندما يتعرض المريض لمشكلة وينام الطبيب على ما حدث لا يعذر. ولكن أن يتقيح الجرح مع كل احتياطات العمل؛ لأن المريض مصاب بالسكري مثلاً وعنده استعداد لارتفاع نسبة الإنتان، فهو أمر معروف ويحدث بين الحين والآخر ولا مفر منه عرفه من عرفه وجهله من جهله. وأمام هذا القدر فقد نما الطب مع غطائه القانوني في الغرب فيؤمن الأطباء أنفسهم خوفاً من هذه المشاكل فيما إذا أراد المريض التعويض أو فتح ملف التحقيق ضد طبيب ما وهو حقه من جهة، ولكن في الطرف المقابل من حق الطبيب أن يدافع عن موقفه. وبهذا يتشكل التوازن ما بين الحق والواجب في رافعة تضمن حق الطرفين. وفي الحقيقة فإن الواجب على واحد هو حق للآخر والعكس بالعكس. أي أن واجب الطبيب دقة التشخيص والرحمة بالمريض والإجابة عن كل تساؤل بدون تذمر وإتقان العمل ومتابعة الحالة لحين الوصول إلى شاطىء السلامة. ولكن بالمقابل فإن من حق الطبيب أيضاً أن يحمى وهو يؤدي واجبه حتى لا يخاف أو يتهرب من الحالة. وهناك ظاهرة تحدث يجب الانتباه إليها في ظل غياب التأمين الطبي أن الطبيب يصبح في متحارجة بين مريض يخاف عليه ويخاف منه؟. يخاف عليه فهو يريد مساعدته للتخلص من مرضه ومعاناته ومريض يخاف منه إن حصل شيء أن يرفع فيه شكوى والكون بني على التوازن والعدل.. والوضع في العالم العربي بين إهمال المريض والاستخفاف به في المشافي العامة أو على العكس شدة القانون وحدة المساءلات والوسط هو العدل.. «والسماء رفعها ووضع الميزان».