هكذا شاءت الإدارات الأمريكية المتعاقبة, وهذا ما سيحصل في القريب العاجل, فقد انتفضت روسيا وقررت أن لا تسكت أكثر مما سكتت, وأن لا تتحمل أكثر مما تحملت, فمنذ فترة صرح رئيس الوزراء الروسي “بوتين” بأن لدى روسيا سلاحاً نووياً غير مسبوق, وتنفرد روسيا بصناعته!!, وبالأمس القريب صرح وزير خارجيته بأن أفعال الولاياتالمتحدة ودول حلف شمال الأطلسي تؤذن بعودة جديدة لحرب باردة تتجاوز بمراحل ما عرفناه في الحرب السابقة . من المعروف أن سباق التسلح بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي السابق بدأ منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية, وتوّجته روسيا بتقدم واضح في سلاح الصواريخ بعد إطلاق الصاروخين اسبوتنيك 1 واسبوتنيك 2 الذي كان على متنه الكلبة الفضائية «لايكا», وازداد التفوق السوفيتي في تكنولوجيا الصواريخ إثر الفشل الذريع للولايات المتحدة في إطلاق صاروخ بعد اسبوتنيك 2 .. ثم وصول أول رائد فضاء سوفيتي “ يوري جاجارين” إلى الفضاء الخارجي , وتقدم السوفييت في الستينيات على خط إطلاق منظومة الأقمار الصناعية التي تخدم وسائل الاتصال المختلفة . منذ تلك الأيام البعيدة القريبة من ستينيات القرن المنصرم أدركت القيادات السوفيتية تفوقها النسبي في هذا السلاح الفتّاك, وأكده تصريح خروتشوف القائل بأن أساس الردع القادم إنما يكمن في الصواريخ والصواريخ فقط, ولقد تم ترجمة هذا المزاج بفعالية بالغة سواء في الاتحاد السوفيتي أو الولاياتالمتحدة حتى وصلت الحرب الباردة إلى تخوم نهاياتها الهادئة بالانهيار الحُر للاتحاد السوفييتي . غير أن روسيا بوصفها الوريث الأكبر للإمبراطورية السوفيتية لم تتخل يوماً واحداً عن سلاحها الاستراتيجي, بل ظلت تطور الأسلحة الصاروخية والقنابل النووية التكتيكية تحسباً ليوم جديد, وهذا ما كان، فالقيادة الروسية الحالية أعادت إلى الأذهان الميزات النسبية لهذا البلد العتيد, الذي وإن فقد الكثير من إمكانيات القوة الآنية, إلا أنه ظل مُمسكاً بالقوة الإستراتيجية، وقادراً على إعادة تدوير العجلة بكفاءة تستفيد من اخفاقات الماضي. يبدو أن الموقف الروسي بدأ يتبلور باتجاه الرد الاستراتيجي على سياسات المبادأة, وإحياء حروب النجوم, والتوسع القسري شرقاً وغرباً .. وهذا ما سنراه في مقبل الأيام . [email protected]