يأتي في مقدمة اهتمامات المفكرين السياسيين البحث في مفهوم المصلحة الوطنية للدولة، ويرى الكثيرون من الباحثين أن المصلحة الوطنية هي القوة التي تظل هدفاً ثابتاً من أهداف السياسة الخارجية للدولة في تعاملها مع الفاعلين الدوليين ولذلك ينبغي لصانع القرار السياسي أن يكون على قدر عالٍ من إدراك المصلحة الوطنية للدولة، وأن تكون المصلحة الوطنية هي الباعث الفعلي لنشاط الدولة في المحيط الإقليمي والدولي، ولا يجوز الاختلاف في فهم المصلحة الوطنية للعليا للدولة لدى صناع القرار السياسي بل ينبغي أن يكون هناك حالة من الاتفاق الميداني الذي لا يختلف عليه اثنان في تحديد المصلحة الوطنية للدولة في علاقاتها مع الغير. إن المصلحة الوطنية للدولة لا تعني إلغاء مصالح الغير على الإطلاق، بل إن الاعتراف بالمنافع المتبادلة والمصالح المشتركة لا يمكن أن يخرج عن صلب التفكير في المصلحة الوطنية العليا، لأن الاعتماد المتبادل مع الدول على المصالح والمنافع يخلق عنصراً داعماً للقوة ويعزز القدرة على التصرف وحماية تلك المصلحة ولست مع من يقول إن التركيز على المصلحة الوطنية في السياسة الخارجية لا يحقق التعاون الدولي، لأن الشراكة الفاعلة في العلاقات الدولية تعني تعزيز المصلحة الوطنية وخلق حالة من الثبات والاتزان في العلاقات الدولية بسبب وجود منافع متبادلة ومشتركة بين مكونات التفاعل في العلاقات الدولية وإذا لم تكن هناك مصالح متبادلة ومشتركة فإن التفاعل في العلاقات الدولية لا يتسم بالاستقرار خصوصاً عندما يكون المنتفع طرفاً واحداً والطرف الآخر متضرر من هذه العلاقة، الأمر الذي يقود إلى عدم الاستقرار وظهور التبرّم والضيق من سيطرة طرف على طرف واستغلال من جانب واحد وقد يؤدي إلى حروب وقد شهدت المرحلة الماضية من تاريخ العلاقات الدولية منازعات وصراعات بسبب محاولة تغييب المصالح والمنافع المتبادلة في إطار العلاقات الدولية. إن السياسة الخارجية للجمهورية اليمنية اتصفت بالواقعية والموضوعية وركزت على المصلحة الوطنية العليا للبلاد وراعت أهمية التوازن في هذا الاتجاه وخلقت الفعل الناجح الذي أكسبها الاحترام من دول العالم وجعل من اليمن محط أنظار العالم، نظراً لحالة الثبات والتوازن، ولذلك فقد حققت نجاحاً كبيراً في التعامل مع الفاعلين الدوليين وجلبت المنافع للبلاد والعباد وجنبت الوطن الكثير من النكبات، ولذلك ينبغي للذين مازالوا لم يبلغوا سن النضج السياسي في المعارضة ان يتعلموا من مدرسة الحياة وأن يتجنبوا كثيراً المجازفة بالعناصر المتهورة وأن يدركوا بأن مصلحة اليمن أعظم وأكبر من الأشخاص مهما كانوا، ونأمل المزيد من الرشد السياسي لديهم بإذن الله.