جامعة صنعاء تثير السخرية بعد إعلانها إستقبال طلاب الجامعات الأمريكية مجانا (وثيقة)    اليوم بدء منافسات المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    اليوم الإجتماع الفني لأندية الدرجة الثالثة لكرة القدم بساحل حضرموت    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انهيار سريع وجديد للريال اليمني أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف الآن)    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    كاس خادم الحرمين الشريفين: النصر يهزم الخليج بثلاثية    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    غارسيا يتحدث عن مستقبله    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يحسم معركة الذهاب    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    بعشرة لاعبين...الهلال يتأهل إلى نهائى كأس خادم الحرمين بفوز صعب على الاتحاد    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحدة اليمنية وسياسة التوازن والاستقرار الإقليمي والدولي
نشر في الجمهورية يوم 22 - 05 - 2008


السفير عبدالملك سعيد عبده:
الدبلوماسية اليمنية تلعب دوراً مؤثراً إقليمياً ودولياً لترسيخ قيم التعايش والسلام بين الشعوب
تمكنت اليمن من توطيد علاقاتها الدولية وأصبح لها أكثر من 50 بعثة معتمدة لدى الدول الشقيقة والصديقة
الدكتور حميد مطيع العواضي:
دبلوماسية القمة التي اتخذها فخامة الأخ الرئيس أكسبت السياسة الخارجية لبلادنا بعداً إقليمياً ودولياً وصورة متميزة في التوازن
شكلت الوحدة اليمنية أنموذجاً في التعامل مع المحيط الإقليمي بسعيها الدائم لترسيخ الاستقرار في محيطها
الدكتورة وهيبة فارع : قيام الوحدة اليمنية 1990م أسهم في ترسيخ الاستقرار في المنطقة العربية
العميد الركن أحمد محمد مانع: تشكيل قوة حفظ السلام اليمنية كان قراراً حكيماً يؤكد حرص الجمهورية اليمنية للمشاركة في عمليات حفظ الأمن والسلام الدوليين
مثلت ظهيرة يوم الثاني والعشرين من مايو في العام 1990م البداية الحقيقية للوجود السياسي اليمني الهام في الخريطة الدولية حيث أعلن في تلك الظهيرة عن استعادة الوطن اليمني وحدته الكبرى منهياً بذلك عهد التشطير والتمزق وإلى الأبد، وفي تلك اللحظة التاريخية ولد الكيان السياسي اليمني الجديد ممثلاً بالجمهورية اليمنية، وبإعلان الدولة الجديدة، دفنت آثار التقسيم الاستعماري، وسجل انتصار للدولة التي استردت الشعور بالخصوصية، على المستوى الوطني، أما على المستوى الإقليمي والدولي فقد بدلت وحدة شطري اليمن جوهرياً طبيعة شبه الجزيرة السياسية، والنظام الإقليمي العربي، وهو مايعني أن الوحدة اليمنية قد فرضت واقعاً سياسياً جديداً على مختلف الأصعدة القومية والإقليمية والعالمية، وبات العالم يتطلع إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الوحدة من خلال كيانها السياسي الجديد الذي توافرت له العديد من العوامل التي تجعله في مصاف التأثير الكبير في مسار الأحداث التي تتخذ من الدول الواقعة في الإطار الإقليمي مسرحاً لها، وبطبيعة الحال تأثيرات تلك الأحداث كانت على مصالح المجتمع الدولي ككل.
الحضور الاستراتيجي
ولقد مثلت الوحدة اليمنية بحضورها الاعتباري والاستراتيجي رافداً أساسياً من روافد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، بحكم النطاق الجغرافي الذي يقع فيه اليمن، وهو موقع تميزت به بلادنا وجعلها محل اهتمام محيطها، وما يعني هذا المحيط من أهمية استراتيجية لدول العالم ومصالحها في منطقة حيوية تحظى بأولوية الاهتمام من قبل محاور التأثير، ناهيكم عن أن الوحدة اليمنية مرتبطة، بصورة وثيقة بالأمن القومي العربي وبأمن واستقرار نطاقها الجغرافي المفتوح باتجاه منطقتي الخليج والقرن الأفريقي وكلا النطاقين يحيطان بأهمية استراتيجية متعددة الأهداف والأبعاد والغايات الحضارية والإنسانية، وبالتالي فإن الوحدة اليمنية حملت الكثير من الاعتبارات والمفاهيم والقيم الحضارية والاستراتيجية وتشابكت فيها المصالح السياسية بالاقتصادية والأمنية بالعسكرية والتاريخية بما سيأتي في المستقبل.
التوجه العروبي
ولذلك فقد أصبحت السياسة الخارجية تعبيراً عن هذه الحقيقة الاستراتيجية المهمة، إلا أنه يصعب القول بأن أي تغيير يذكر قد حدث على مستوى الأسس العامة التي ظلت السياسة اليمنية السابقة وفية لها رغم الظروف السياسية التي مر بها الوطن اليمني، بل الوحدة .. فاحترام اليمن وسيادته واستقلاله وكرامته ووحدة أراضيه، والتعامل المتكافئ في العلاقات بين الدول، والالتزام الصارم بحقوق الإنسان ومبدأ التعايش السلمي، وميثاق الأمم المتحدة والجامعة العربية كانت ومازالت هي المحددة الرئيسية للسياسة الخارجية اليمنية، مع إيلاء أهمية خاصة للمحيط الإقليمي المجاور المتمثل في الحرص على تنمية علاقات اليمن بدول شبه الجزيرة العربية ودول القرن الأفريقي باعتبار المكانة الجغرافية لليمن في تلك المنطقة الحساسة من العالم..ولقد أكد دستور الجمهورية اليمنية في مادته الأولى حقيقة الانتماء العربي والإسلامي للشعب اليمني، فاليمن دولة مستقلة ذات سيادة وهي وحدة لا تتجزأ، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والعالم الإسلامي، وعلى هذا الأساس يمكن فهم السياسة الخارجية في حركتها الدؤوبة من أجل بناء صرح التعاون العربي، وتمتين الروابط المختلفة مع دول الأسرة العربية، والعمل على صيانة الأمن العربي من المؤامرات الأجنبية، والتعامل مع القضايا القومية بجدية وحزم، فالسياسة الخارجية اليمنية بشكل عام ذات توجه قومي يستهدف تحقيق الغايات والأهداف الوطنية وحماية الأمن الوطني من أي اختراق خارجي.
حقائق الجغرافيا
كما أن الحقائق الجغرافية السياسية تعطي لليمن ميزة سياسية واستراتيجية في معدلات العلاقات الدولية المعاصرة وفي إطار المنطقة العربية التي تمثل قلب العالم وملتقى طرق تجارته، ومرور نفطه ومكانته المهمة بالنظر إلى عوامل كثيرة على رأسها استمرار الصراع العربي - الصهيوني وتقاطع المصالح الاقتصادية الدولية ودورها في مكافحة ما يسمى بالإرهاب العالمي.
بالإضافة إلى الموقع فإن اليمن تمتلك ثروة نفطية وغازية ومعدنية واعدة مستقبلاً، وإن كان الاستثمار في مجال التنقيب عن النفط والمعادن لايتناسب مع التوقعات المأمولة، وبالتالي لابد من بذل مزيد من الجهود في تسويق ما تتمتع به اليمن من مميزات سياحية واستثمارية وما تمتلكه مدينة عدن وغيرها من المدن الساحلية من مواقع طبيعية مثالية لإقامة مناطق تجارة حرة، وبدون شك فأن التوجهات الليبرالية السياسية والاقتصادية التي تشهدها اليمن منذ عام 1990م باتت تجتذب اهتماماً غربياً ملحوظاً وهناك رغبة في تشجيع ودعم هذه التوجهات الديمقراطية واعتبار اليمن من الديمقراطيات الناشئة ذات التجربة الناجحة.
كما تتمتع اليمن بموقع استراتيجي في جنوب الجزيرة العربية حيث حقول نفط الجزيرة والخليج ذات الأهمية الاستراتيجية القصوى للولايات المتحدة والدول الغربية عموماً، وإطلالتها المباشرة على أهم الممرات البحرية للتجارة العالمية في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر حيث تمر نسبة مهمة من الإمدادات النفطية والتجارة العالمية.. كما يكتسب موقع اليمن أهمية خاصة - أيضاً - لمجاورته للقرن الأفريقي الذي ما زال يمر بكثير من الصراعات الداخلية والقبلية، الأمر الذي يجعله تحت دائرة الضوء وتتركز عليه أنظار القوى العالمية المتنافسة على مواقع النفوذ والمصالح في أفريقيا والوطن العربي، وبعبارة أخرى فمن المؤكد أن موقع اليمن الجيوستراتيجي يجعلها ضمن اهتمامات الصراعات الإقليمية والعالمية، ولاسيما في يومنا هذا الذي تتشابك فيه المصالح الإقليمية والدولية وتأثيراتها على الواقع المحلي.
مبادئ الدبلوماسية اليمنية
ولما كانت السياسة الخارجية Foreign policy عبارة عن تنظيم نشاط الدولة، ورعاياها والمؤسسات التابعة لسيادتها، مع غيرها من الدول والتجمعات الدولية بهدف حماية استقلال الدولة وأمنها وحماية مصالحها الاقتصادية، بالإضافة إلى ما لها من تأثير خطير على شئون الدفاع والأمن والاقتصاد ونواحي الحياة الحديثة المختلفة، فإن وضع مبادئ وأهداف السياسة الخارجية الرئيسية والقرارات الكبيرة من شأن قيادة الدولة العليا: رئاسة الدولة والحزب الحاكم والوزارة صاحبة الاختصاص والهيئة التشريعية.
ويحدد الدكتور عبدالوهاب الكيالي العوامل المحددة للسياسة الخارجية بقوله: هناك عوامل رئيسة تؤثر في تحديد خطوط السياسة الخارجية، كطبيعة نظام الدولة والوضع الداخلي عموماً، وموقعها الجغرافي، والقوة العسكرية والموارد الطبيعية وعدد السكان والتكوين الثقافي والتاريخي والحضاري، والمعروف أن العوامل والأجهزة الأمنية والدفاعية قد أخذت تلعب دوراً مميزاً متزايداً في تحديد السياسة الخارجية وتسيير بعض أوجهها.
ووفقاً للسفير عبدالملك سعيد عبده فإن الدبلوماسية اليمنية ترتكز على محددات أساسية تضمن لها الدينامية والحراك بما يؤهلها لأن تلعب دوراً مؤثراً في المحافل الإقليمية والدولية لترسيخ قيم التعايش والسلام بين الشعوب، ويمكن تلخيص أهم محددات السياسة الخارجية للجمهورية اليمنية خلال السنوات الماضية من عمرها في هذه النقاط الأساسية:
تعزيز الاستقلال والحفاظ على السيادة الوطنية.
التضامن والتعاون مع الأقطار العربية، والإيمان بالعمل العربي المشترك، وتدعيم مؤسساته، سواء على المستوي الثنائي أو في إطار الجامعة العربية والمجالس والهيئات والاتفاقيات المتصلة بها.
السعي إلى تحقيق أي قدر ممكن من التقارب والتنسيق والتعاون مع قطر عربي أو أكثر، على طريق الهدف القومي الأكبر (الوحدة العربية) كما أشارت إلى ذلك المبادرة اليمنية لإصلاح الوضع العربي وإعادة بناء هياكل الجامعة.
إسناد حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في تحرير أرضه وتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على أرضه الوطنية وفقاً للقرارات الدولية.
دعم مقاومة العدوان الاستعماري الصهيوني على أرض فلسطين وأراضي الأقطار العربية الأخرى وتعرية نزعة الكيان الصهيوني التوسعية وتهديده الخطير والمستمر للأمن القومي العربي بصفة عامة وأمن الأقطار العربية المجاورة منفردة بصفة خاصة.
الإسهام الفاعل مع دول الجنوب، لمواجهة التحديات الجديدة التي تفرضها العولمة وتنسيق سياسات موحدة للتخفيف من الأعباء الاقتصادية المفروضة علىها وتفعيل دور اليمن بالمشاركة والحضور في كل المنتديات التي تبحث القضايا الدولية المتجددة مثل البيئة، ومشاركة المرأة في التنمية وحقوق الإنسان والسكان.. إلخ.
الإسهام في تعزيز حركة عدم الانحياز ودورها الإيجابي في العلاقات الدولية وتحقيق التوازن والعدل والمنافع المتبادلة بعيداً عن سياسة الهيمنة والإملاء.
علاقات اليمن الخارجية تستند على مبدأ التكافؤ والشراكة في تبادل المصالح الوطنية وعدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام حق الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية والاجتماعية وسيادتها على أراضيها.
السعي المشترك مع أعضاء المنظمة الدولية، من أجل استتباب الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الجريمة والإرهاب الدولي والدعوة إلى أن تكرس المجموعة الدولية جهودها لعقد مؤتمر دولي لتعريف مصطلح الإرهاب السياسي وتوحيد السياسات في محاربته حتى لا تنفرد كل دولة بفهمها الخاص لهذه الظاهرة وتبني عليه سياسات عنيفة قد تطال بعض الدول وحقوق الإنسان.
المشاركة والإسهام بفاعلية في أنشطة الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة لدعم القضايا العربية المصيرية ومكافحة الفقر، وكل ما يهم دول العالم الثالث ودول الجنوب بصفة عامة.
السعي إلى إقامة علاقات حسن جوار مع جميع دول الجوار الجغرافي على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية وإقامة أسس متينة للشراكة والتكامل الاقتصادي والأمني والسياسي.
مواكبة التطورات
لابد من التأكيد هنا على أن مسيرة الوحدة، خلال الأعوام المنصرمة، قد تزامنت مع أحداث وتقلبات دولية مثيرة، فالتطورات الدولية المتسارعة التي يشهدها العالم مثلت تحدياً كبيراً لليمن لا مناص من مواجهتها والتفاعل الإيجابي معها، الأمر الذي فرض عليها بالضرورة، الانخراط الفاعل مع كل قضايا المجتمع الدولي الإقليمية والدولية في ظل أوضاع دولية غاية في التعقيد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبروز سياسات الهيمنة الأحادية وبالذات بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001م.
الخارطة الدبلوماسية
ومع ذلك فقد تمكنت اليمن من توطيد علاقاتها الدولية على أوسع نطاق، فالمرونة والانفتاح والواقعية السياسية واحترام المواثيق الدولية التي اعتمدتها الدبلوماسية اليمنية مكنتها من الانتشار المحسوس، وتوثيق الصلات مع معظم دول العالم، فقد أصبح للجمهورية اليمنية بعد الوحدة أكثر من 56 بعثة معتمدة لدى الدول الشقيقة والصديقة، وقد تقلص هذا العدد لأسباب اقتصادية إلى 50 بعثة حتى العام 2001م بالإضافة إلى التمثيل غير المقيم لدى عدد من دول العالم، بالإضافة إلى عدد لابأس به من الملحقيات ذات الطابع الفني 13 هيئة دبلوماسية تابعة للأمم المتحدة وتوجد تسع بعثات قنصلية لعدد من الدول في العاصمة الاقتصادية عدن، مما يعكس حجم وتنامي التعاون بين تلك البلدان والجمهورية اليمنية، ولعل من المفيد الإشارة إلى تمكن اليمن من بناء علاقات شراكة مع أمريكا والدول الأوروبية، وهي العلاقات التي توليها اليمن أهمية خاصة في ظل سعيها لتنويع علاقاتها الخارجية وتحديث بنيتها التحتية وإقامة علاقات متوازنة مع جميع الفاعلين في الساحة الدولية، خاصة في ظل حاجتها إلى الدعم الاقتصادي والسياسي الأوروبي لتنفيذ خطط التنمية وبرامج الإصلاحات المالية والإدارية التي شرعت الحكومة في تنفيذها منذ 1995م، كما تعول على جذب الاستثمار في اليمن استعداداً لمواجهة متطلبات العولمة والاندماج في الاقتصاديات الإقليمية والعالمية.
المبادرات الدبلوماسية اليمنية
ومن خلال تتبع مسار سياسة اليمن الخارجية يمكن القول باعتمادها خصوصاً في الفترة الأخيرة على دبلوماسية القمة، فرئيس الجمهورية أخذ يمارس أدواراً أكثر وضوحاً مما كان عليه الوضع سابقاً، ويدل على ذلك مشاركاته في المؤتمرات واللقاءات الإقليمية والدولية، وعلاقاته الواسعة إقليمياً ودولياً، وإطلاقه المبادرات المتميزة فقد كانت اليمن وراء تبني مشروع انتظام عقد قمة عربية بشكل دوري والذي أخذ يستتب، كما أنها أطلقت مفهوم العلاقة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية دون المرور عبر تل أبيب، أي عدم الربط بين الموقف من الكيان الصهيوني والعلاقة التي يمكن أن تقوم مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الرئيس علي عبدالله صالح أول رئيس عربي يزور المفوضية الأوروبية، وفق ما يؤكده الدكتور حميد مطيع العواضي.
وتعددت وجهات دبلوماسية القمة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى مختلف أنحاء العالم شرقاً وغرباً بغاية اكساب السياسة الخارجية اليمنية بعداً إقليمياً ودولياً فاعلاً، وصورة متميزة في التوازن حيث أكد بصراحة تامة على تميز العلاقات اليمنية مع مختلف القوى الدولية وكان لافتاً تصريح فخامة الرئيس حول شراء الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية بالأموال الأمريكية ، في إشارة إلى عدم الانحياز لأي من الطرفين ،وكذلك الحال مع الكوريتين ، والصين واليابان ، بل والهند والباكستان ذات التاريخ الطويل من الصراع المسلح.. وهو مايؤكد السعي الدؤوب للسياسة اليمنية على إيجاد نوع من توازن القوى في المحيط الإقليمي والدولي.
وبصورة عامة فان اليمن باعتباره من دول العالم الثالث، فان تأثيرات البيئة الخارجية بكل ضغوطها، والبيئة الداخلية بتركيبتها الاقتصادية والاجتماعية السائدة، وتخلف أجهزة المعلومات والتحليل تظل هي السمات المشتركة لهذه الدول، وكلها عوامل تؤثر بشكل نسبي على قرارتها السياسية، وحركتها في المحيط الخارجي بصفة عامة، غير أن من الضرورة بمكان الإشارة إلى أن القوة السياسية قد ترتبط بشكل أو بآخر، بالقوتين العسكرية والاقتصادية ولكنها ليست مرهونة كلية بهما ، فالمصداقية التي تتمتع بها دولة من الدول على الساحة الدولية ليست مرتبطة فقط بقوتها العسكرية وبمواردها الاقتصادية ولاحتى بإشعاعها الثقافي والاخلاقي ، بل أيضاً وبشكل أخص بالطريقة التي تستغل بها عوامل القوة التي تمتلكها.
توازن القوى
وباعتبار توازن القوى يشكل العنصر الأساسي في معرفة واستشراف وضع ومستقبل الظرف الدولي والإقليمي، خصوصاً لأنه يمثل المبدأ الذي يضع ترتيب الشؤون الدولية بالشكل الذي لايتيح لدولة ما أن تكون من القوة لتتمكن من السيادة المطلقة والهيمنة على الآخرين ، فقد عملت الوحدة اليمنية على انتهاج سياسة متوازنة في علاقاتها بالمحيط الإقليمي والدولي مما ساهم في تمكينها من لعب دور كبير في تحقيق الاستقرار بدرجات متباينة.
اليمن والقرن الأفريقي
شكلت الوحدة اليمنية أنموذجاً في التعامل مع المحيط الإقليمي من خلال السعي الدائم لترسيخ الاستقرار في ذلك المحيط وقد تمثل ذلك المحيط بدول القرن الافريقي التي ترافق صعود الانتصار الوحدوي اليمني مع بروز جولة جديدة حادة من الصراع فيما بين دوله وبعضها وفيما بين أطراف داخلية في بعض الدول ذاتها في المنطقة المجاورة لليمن، ولذلك فقد اتجهت الوحدة اليمنية نحو القرن الأفريقي انطلاقاً من ثوابتها العربية الأصيلة الحاكمة لتوجهات السياسة الخارجية، بالاضافة إلى أن الأعمال الإرهابية التي لم تعهدها اليمن من قبل خصوصاً بعد حادثة تفجير المدمرة الأمريكية كول في الحادي عشر من اكتوبر 2000 في ساحل عدن، وتكرار الأعمال الإرهابية ضد السياح الاجانب قد دفع باليمن الموحد نحو تعزيز صيغ التعاون والعمل على ايجاد أرضية للاستقرار الاقليمي من خلال احتضان جولات الحوار بين الفرقاء المتحاربين في الصومال وتعد وثيقة عدن أبرز شاهد في هذا السياق ، ولاتزال المساعي اليمنية تعمل على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الصوماليين ، والاثيوبيين والاريتريين، وتنطلق اليمن في هذا الاطار سعياً لحماية أمنها القومي وترسيخ استقرار محيطها الاقليمي وهو مايكتسب أهمية كبيرة بعد نشر المعلومات الأمنية في الآونة الاخيرة والتي أفادت بأن الارهاب يعمل على التزود بالاسلحة الأوروبية عبر القرن الأفريقي، ويمكن القول ان هجمات السواحل اليمنية قد سلطت الضوء على حصول التهديدات غير المسبوقة للأمن على موقع الصدارة، وأدت الطبيعة العالمية لهذه التحديات إلى أن تمنح اليمن أهمية أكثر للاستقرار في محيطها ، نظراً لان حال جيران اليمن واستقرارهم يؤثر مباشرة عليها.
دور اليمن في حماية أمن البحر الاحمر
ولقد كان بارزاً دور الوحدة اليمنية في حماية امن البحر الاحمر من خلال تجربتين مشهودتين ، تمثلت الأولى في الموقف الصادم للبعض في مواجهة الاحتلال الاريتيري الغاشم على أرخبيل حنيش اليمنية في الخامس عشر من ديسمبر 1995، حيث قررت اليمن سلوك الطرق السلمية في حل النزاع خشية منها أن تجر في صراع اقليمي هو امتداد لتصفية الحساب مع اليمن ، وكان هذا الموقف حكيماً وموفقاً إلى أبعد مدى يمكن تأييده بالبراهين التاريخية التي توثق للدور الصهيوني في العملية برمتها والتي أتت كتعويض عن الفشل الذريع في تحقيق أهداف الدعم الصهيوني للقوى الملكية في حصارها للنظام الجمهوري في صنعاء وهو الأمر الذي كشفته صحيفة سلاح الجو الصهيوني مؤخراً ونشرت تفاصيله صحيفة الجمهورية في صفحتها الأخيرة ، وهذا المخطط التآمري الذي تنبهت له اليمن والذي تم تمريره عبر اريتريا قد أشارت اليه بجرأة نادرة وبوثائق الأرشيف الأجنبي المؤرخة الروسية بوندا ريفسكي في كتابها الرصين الموسوم (الغرب ضد العالم الإسلامي .. من الحملات الصليبية حتى أيامنا) الصادر عن دار التقدم بموسكو في العام 1985م حيث أوردت في الصفحة رقم 382 مايلي : في أواخر الستينات أمر هيلاسيلاسي (امبراطور اثيوبيا بنقل زهاء خسمة آلاف يهودي أثيوبي إلى أرخبيل هلك (جزر فاطمة) الخارق الأهمية على الصعيد الاستراتيجي الواقع في القسم الجنوبي من البحر الأحمر عند مشارف مضيق باب المندب ، الأمر الذي أوجد بالفعل نقاط ارتكاز لأجل المصالح المختصة في اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وقد استغل الصهاينة هذه الجزر كقاعدة سرية لأجل السفن الخفيفة لقواتهم البحرية الحربية ،وكرأس جسر لأجل إرسال الأسلحة إلى جمهورية اليمن العربية حيث استخدموها ، بمشاركة العملاء الاسرائيليين من عداد اليهود اليمنيين الذين بقوا في البلد، لأجل تسعير نيران الحرب الأهلية في اليمن ، فقد وصلت هذه الأسلحة إلى شيوخ القبائل المترجلة الذين كانوا يحاربون حكومة صنعاء الشرعية وفي ذلك دلالة تاريخية تؤكد عمق الرؤية الوحدوية للمخاطر الخارجية على الوطن وبالتالي على المحيط الاقليمي ، وانطلاقاً من ذلك فقد نالت حقها في استرداد أراضيها بعد صدور قرار التحكيم الدولي، والذي رسم الحدود اليمنية الاريترية، وكان هذا النهج تاكيداً لمبدأ سياسي من ثوابت السياسة الخارجية اليمنية وهو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وعدم اللجوء إلى القوة في حل الخلافات.
تجمع صنعاء والأمن الاقليمي
أما التجربة الثانية فتمثلت في الدعوة إلى تجمع صنعاء الذي أكد على أن قضية أمن البحر الأحمر في غاية الأهمية ولايمكن بأي حال من الأحوال لدولة بمفردها أن تقوم بعملية الأمن لسبب بسيط ان منطقة البحر الاحمر منطقة واسعة ثم منطقة مصالح اقليمية ودولية ومن ناحية ثالثة ان هذه الدول التي تطل على البحر الاحمر هي ذات إمكانات ويجب أن نعترف بذلك إنها امكانات ذات حدود متواضعة وبالتالي لإتمام عملية الأمن في منطقة البحر الاحمر لابد من تواجد حقيقي ومثمر وربما الأهم من ذلك لايجب ان يتبنى سياسات عدوانية أو حتى يتجه إلى السياسات العسكرية لاننا يجب ان نعترف أيضاً بشكل آخر أن هناك قوة حقيقية أيضاً موجودة داخل البحر الأحمر ومهما كثفت الامكانات لاستثمارها في هذا المجال الأمني من الناحية العسكرية فقط فلن تكون ذات جدوى هامة، ولذلك فلابد من الاتجاه إلى القضايا الأشمل والأوسع من الناحية العسكرية وتحديداً إلى القضايا الاقتصادية والسياسية وهذا ماكان من السياسة الخارجية اليمنية التي أكدت الدعوة لاستثمار تجمع صنعاء في المجال الاقتصادي باعتباره جزء مهماً وحيوياً من عملية التكامل السياسي أو الأمني، وبالرغم من وجود مشكلات حقيقية في دول التجمع إلا أن ايجاد نوع من التضامن واستثماره في الناحية الاقتصادية بدرجة اكبر يمكن ان يعود بالمنافع الحقيقية على مجتمعات هذه الدول ، وهو الامر الذي يوطد عملية الأمن بطريقة منطقية أو بطريقة أكثر جدوى.
استقرار لدول الخليج
شكلت الوحدة اليمنية كتلة سياسية جديدة في منطقة الجزيرة العربية ولذلك فقد اتسمت علاقتها بالمنطقة بنوع من الخصوصية التي توجزها الدكتورة وهيبة فارع بقولها: تؤكد كافة المعطيات السياسية على ان اليمن تمثل ضرورة استراتيجية لاستقرار منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ظل التطورات الاقليمية والدولية، ولذلك فإن تأهيل اليمن للانضمام إلى دول المجلس عملية تتلاقى فيها الابعاد الامنية والاقتصادية التي تربط اليمن بدول الجزيرة العربية بحكم الموقع والمصالح المشتركة، ولكن التركيز على بعض جوانب التكامل يبقى على مراوحة العلاقات عند مستوى التنظير، مالم تتبع هذه الاتجاهات إجراءات فعلية تتجاوز بها دول المجلس حدود الدعم المادي لمجهودات التنمية والإصلاحات والاشادة بها، بالانتقال بهذه العلاقة إلى مرحلة تبني دعم قضية الاصلاحات الجوهرية ذاتها في جوانبها الاقتصادية والادارية كي تقف اليمن على قدميها أسوة بما هو متبع في التجمعات والتحالفات التي تقوم بتدوير عوائد الامكانات لتشمل دول الشراكة بالحد المتوسط أو الادنى من فوائد النمو، حيث يتم تأهيل الدول الأقل نمواً للأخذ بيدها لتتمكن من تحقيق التنمية بجهود ومساعدة التحالف الاقليمي الذي تنتمي اليه .
التقارب اليمني الخليجي
فالمتتبع لمسار العلاقات السياسية بين اليمن ودول المجلس الخليجي يجد أن قيام الوحدة اليمنية عام 1990 قد أسهم في ترسيخ الاستقرار في المنطقة العربية ، الذي انتهى بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود النهائية مع السعودية وعمان، وفتح أبواب مجلس التعاون الخليجي لعضوية اليمن بجدية منذ قرار قمة مسقط بضم اليمن إلى عضوية اربع مؤسسات خليجية ، التي اعادت علاقات اليمن إلى طبيعتها مع كل دول المجلس وأصبحت الهموم اليمنية الخليجية متقاربة كثيراً في الآونة الأخيرة واصبح الاحساس بضرورة التكامل أمراً واقعاً لمواجهة الهاجس الأمني في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث وهو ما شجع اليمن على طلب الدعم الاقتصادي ليتأهل لدخول المجلس من منطلق الروابط والمصالح المشتركة التي كان من الطبيعي ان تجعل اليمن ضمن منظومة دول الجزيرة بما يمكنها من الوقوف في وجه التحديات والمتغيرات الاقليمية والدولية التي ساعدت بتحريك اليمن نحو محيطها ، في حين كان من المفترض ان تتحرك مصالح دول الخليج نحوها.
ومنذ أولت اليمن علاقتها بدول مجلس التعاون الخليجي أهمية خاصة في سياستها الخارجية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، وكانت حريصة على إزالة التداعيات السلبية لحرب الخليج الثانية ، حيث وقعت على معاهدة الحدود البرية والبحرية مع السعودية ، وواصلت العلاقات اليمنية الاماراتية تقدمها الملموس في مختلف المجالات وتعتبر العلاقات بين البلدين الشقيقين انعكاساً لتوافق الرؤى لدى القيادتين السياسيتين وتطابقهما، وشهدت العلاقات اليمنية الكويتية تطوراً إيجابياً وانفتاحاً صادقاً ، بعد الانفراج الكبير في العلاقات السياسية بين البلدين الشقيقين ، وأضافت اتفاقية ترسيم الحدود بين اليمن وعمان بعداً حقيقياً إلى العلاقات العمانية والخليجية عموماً ، وهو ماأسهم في الدفع بجهود الاستقرار نحو الأمام في المنطقة العربية.
الوحدة اليمنية واستقرار الإقليم العربي
كما سبقت الاشارة إلى المنطلقات الثابتة لسياسة الوحدة اليمنية نحو الوطن العربي ، باعتباره عمق الانتماء القومي الذي توافرت فيه خصائص التعاون الاقليمي السليم المتمثلة في القرب الجغرافي ، التوافق الثقافي والسياسي والاجتماعي ، زيادة التعاملات والاعتماد المتبادل ، إقامة منظومات مؤسسية مكثفة لتسهيل عملية الوصول إلى حل وسط والقضاء على الخلافات وتسويتها بالطرق السلمية، وإن أهم شيء أو عنصر ترسيخ هذا التعاون الاقليمي، واستمرار ديمومته وزيادة فعاليته هو توفر الإدارة السياسية للوحدات السياسية الفاعلة في اطار هذا النظام الاقليمي أو هذه التكتلات وقد كانت نقطة البداية في التعاون الاقليمي العربي في تأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945..
ولذلك فقد عملت الوحدة اليمنية على تعزيز الاستقرار في الاقليم العربي من خلال دعمها للجامعة العربية وتثبيت نظام دورية انعقاد قمتها السنوية ، وتفعيل مؤسساتها ومساندة جهود رأب الصدع في فلسطين ولبنان بما يجنب المنطقة العربية ويلات الحروب والتشرذم ويبعد عنها شبح التدخلات الأجنبية الاستعمارية.
الاستقرار الدولي
باعتبار اليمن الموحد عضواً في المجتمع الدولي، ناهيك عن موقعه الاستراتيجي الذي يفرض عليه الكثير من المخاطر والالتزامات فقد دفعت الوحدة باتجاه تعزيز الدور اليمني في توفير دعامات الاستقرار الدولي حيث التزمت اليمن بالتوازن الدائم في سياساتها مع مختلف أطراف العلاقات الدولية فرغم نجاحها في توثيق علاقاتها بالولايات المتحدة الامريكية فإنها تقيم علاقات متميزة مع جمهورية كوبا، ولعل الزيارة التاريخية لرئيس الجمهورية إلى هافانا واهتمامه بزيارة النصب التذكاري للبطل الثوري تشي غيفارا مازالت عالقة في الأذهان ، ومثلما تتمتع اليمن الموحدة بعلاقات جيدة مع الاتحاد الاوروبي وخصوصاً فرنسا والمانيا فإنها تقيم علاقات راسخة مع الاتحاد الروسي الفيدرالي، وكذلك الحال مع شطري كوريا وجيرانها( الصين ، اليابان ، والهند ، وباكستان) بحيث لاتؤثر علاقات اليمن مع طرف على مستوى علاقاته بالطرف الآخر وانطلاقاً من القوة السياسية الناتجة عن القدرة على إدارة مصادر القوة السياسية ذاتها في المواقع الدولية فقد دعمت اليمن الجهود الرامية إلى تحسين مستوى السلام والأمن الدوليين من خلال موقفها الثابت في تأييد حق الجمهورية الاسلامية الايرانية في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية، وتأييد الحق الصيني في توحيد أراضيه بما فيها تايوان باعتماد صين واحدة ونظامين ، ودعم جمهورية فنزويلا البوليفارية في مسعاها نحو حيازة المقعد الدائم بمجلس الأمن كممثل عن قارة امريكا اللاتينية ، ودعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للتراجع عن موقفه المعلن الخامس باشتراطه اعتراف كل من يرغب بمقابلته من قادة العالم بالكيان الصهيوني، والدعوة المتكررة للاتحاد الأوروبي لإدانة الهجمات الإعلامية المسيئة لرسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم تجنباً لاندلاع موجات من العنف في العالم ، وتمسك اليمن بمطالبته العالم إلى معالجة الجذور الأولية التي أنتجت الارهاب في صفوف الشباب المغرر بهم وعلى رأس تلك الجذور الفقر منطلقة من الحقيقة الثابت القائلة بان العنف المتواصل والفقر في بعض البلدان النامية قد جعلها هدفاً سهلاً لاستغلال الارهابيين ، وعند النجاح فقط في تحقيق التنمية العامة... يمكن عندها قطع جذور أسباب الإرهاب، ولذلك فإن اليمن تعتبر أن الفقر يؤزم حالة الأمن في محيطها الاقليمي، والدولي، وبالتعاون التنموي يمكن العمل على خلق محيط أمني مستقر ينعم بخيراته.
مكافحة الإرهاب
وفي هذا السياق لابد من ملاحظة أن الموقف اليمني من الإرهاب يندرج ضمن مناقشة علاقة اليمن بالولايات المتحدة الامريكية والغرب عامة، فهي علاقة محكومة بالمصالح المتبادلة والمنفعة المحققة، وقد شهدت هذه العلاقة لحظات مد وجزر مؤقتة بسبب تباين المواقف إزاء بعض القضايا الاقليمية غير أن ذلك التباين لم يصل إلى حد الخلاف، بل على العكس فقد شهدت العلاقات تطوراً ملموساً من الناحية السياسية والعملية، ولقد اتضح جلياً موقف اليمن من قضية الإرهاب حيث ادانته وأعربت عن رغبتها في التعاون لمكافحته، وخاصة أنها قد تعرضت له في حادثة 11اكتوبر 2000 في تفجير المدمرة (كول uss- cole) وأحداث تعرض بعض السياح الاجانب لأعمال إرهابية، وبالقدر الذي أصبح فيه ملف الإرهاب أحد محددات العلاقة الخارجية فإن عدم وجود تعريف متفق عليه حول هذا المفهوم وإلصاقه بالعرب والمسلمين سوف يخلق في المستقبل اختلافات كثيرة.
قوة حفظ السلام اليمنية
وفي سياق تعزيز دورها في ترسيخ الاستقرارالدولي فقد حرصت الجمهورية اليمنية على أن يكون لها دور فاعل في حفظ السلام والأمن العالمي لتسهم في عمليات حفظ السلام في العالم من خلال المراقبين العسكريين وكتائب حفظ السلام، لذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم(9) بتاريخ 30أبريل 2001م، قضت المادة الأولى منه بإنشاء وتشكيل قوة خاصة لحفظ السلام من الفرقة الأولى مدرع وقضت المادة الثانية من هذا القرار بتعيين العميد الركن أحمد محمد مانع قائداً لقوة حفظ السلام.
وفي هذا السياق يقول العميد الركن أحمد محمد مانع قائد قوة حفظ السلام: إن اتخاذ قرار على مستوى عال لتشكيل قوة حفظ السلام اليمنية كان قراراً حكيماً في توقيت دقيق بسبب الظروف العالمية والتي تتطلب أن يكون لأية دولة مكانة مرموقة في العالم المشاركة في عمليات حفظ السلام الدولية وتعزيز هذه المكانة يجعل منها دولة في مصاف الدول الكبرى التي تدعم عمليات حفظ السلام، حيث شاركت بلادنا في عمليات حفظ السلام الدولية بالضباط المراقبين الدوليين وضباط الشرطة الدولية وضباط الارتباط وضباط هيئة أركان موزعين على كل من هاييتي وبروندي وليبيريا والكونغو والسودان وتيمور الشرقية والصحراء الغربية والنيبال وجورجيا وساحل العاج وتشاد، حتى لقد وصل عدد الضباط المشاركين مع بعثة الأمم المتحدة في هذه الدول إلى 140ضابطاً، ونحن دوماً جاهزون للمشاركة.
ثمار السياسة المتوازنة
وخلاصة القول فإن الوحدة اليمنية من خلال الإمكانات الجغرافية والاقتصادية التي دعمت توجهات السياسة الخارجية قد دفعت بشكل متميز في ترسيخ سياسة التوازن والاستقرار الاقليمي والدولي، ويمكن إجمال الحصاد الدبلوماسي خلال عمر الوحدة فيمايلي:
بناء جسور الثقة والتعاون مع الدول العربية والإسلامية، وتوسيع العلاقات مع مختلف الدول الأجنبية وفي هذا الصدد ظلت السياسة الخارجية اليمنية وفية لمبادئها فيما يتعلق بدعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وكل طاقاتها باعتبارها القضية القومية الأولى، وأكدت دعمها لكل جهد سلمي يحفظ للمنطقة استقرارها ويعيد للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية العادلة.. وقد استطاعت السياسة اليمنية في كل تدخلاتها العربية والدولية خلال السنوات المنصرمة أن تؤدي دورها بما يخدم مصالحها الوطنية، ويدعم علاقاتها مع مختلف دول العالم بكل مرونة وفاعلية من خلال إدراكها لواقع العلاقات الدولية وتعاملها الحذر مع المتغيرات الدولية والالتزام التام بميثاق الأمم المتحدة، واحترامها لكل التعهدات، الأمر الذي اكسب السياسة اليمنية ميزة الانتشار والثقة في العلاقات الثنائية المتطورة وفي التجمعات الاقليمية والدولية، وأبقت خياراتها السياسية مفتوحة تجاه الجميع.
كان للسياسة الخارجية اليمنية الواقعية والمتوازنة أثرها الكبير في خدمة المصالح الوطنية، وقد انعكس ذلك بوضوح على المردودات الاقتصادية والمالية التي رفدت مسيرة التنمية بمصادر تمويل يعتد بها، فقد أسهمت العلاقات الثنائية المتطورة مع الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات الاقليمية والدولية في تمويل ودعم برامج وخطط التنمية في السنوات الماضية، وأسهمت في توسيع مجالات التعاون التجارية والثقافية والاقتصادية والفنية مع هذه الدول التي قدمت بعض المساهمات في تحديث البنى الاقتصادية والاجتماعية، وتشييد البنية التحتية الضعيفة في البلاد بالنظر إلى إمكاناتها المتواضعة ومع توفر أجواء الاستقرار السياسي والأمني أصبحت لليمن أهمية عالمية كونها تتمتع بنظام تعددي وبموقع جغرافي مهم في شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط، وتطل على البحر الأحمر والمحيط الهندي..حرصت القيادة السياسية اليمنية على ضرورة التواصل مع جميع الاقطار العربية لإحياء وترسيخ التضامن العربي، وكان لدوره أثر كبير في تقريب وجهات النظر العربية، وأولت الدبلوماسية اليمنية اهتماماً بالغاً بجامعة الدول العربية «بيت العرب» لإحياء دورها وتحديث هياكلها والمحافظة على ديمومتها، وفي هذا الجانب تم إعداد سلسة من المبادرات ترمي إلى انتظام اجتماعات القمة العربية وتنشيط دور الجامعة، حيث كانت المبادرة اليمنية من الشمول بحيث غطت مواطن الخلل في أداء الجامعة العربية كوعاء للتضامن العربي وتوحيد جهود الأمة العربية وإمكاناتها لمواجهة الأخطار والتحديات المعاصرة المحدقة بها وفي مقدمتها الخطر الصهيوني الجاثم على صدر الأمة العربية ولذلك فقد حرصت اليمن دوماً على الاضطلاع بدورها التاريخي انطلاقاً من حرصها على التضامن العربي والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية، ودعم الجامعة العربية كمؤسسة قومية جامعة لاغنى عنها في مواجهة المشاريع البديلة المفروضة من خارج المنطقة... وستبقى الوحدة اليمنية صمام أمان الأمن القومي العربي في مواجهة المخططات الامبريالية الرامية إلى تنفيذ الأحلام الصهيونية في وضع اليد العدوانية على البحر الأحمر الذي يتوسط الجسد الأرضي لمجتمعات العالم اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.